تقرير – دارفور24

لمدة خمسة أيام تارة سيرًا على الأقدام وأخرى على ظهر عربة كارو، تمكن أخيرًا آدم حسن آدم وعائلته، من الوصول إلى مدينة “طويلة” بعد ان فروا من الفاشر التي يحتدم فيها القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

آدم حسن آدم، طالب جامعي، كان قد فرّ من مدينة نيالا في أغسطس العام الماضي، إلى منطقة “منواشي” 76 كلم شمال نيالا ومنها إلى “شنقل طوباي” التابعة لولاية شمال دارفور، قبل أن يستقر مع عائلته بحي الوحدة بـ”الفاشر” لفترة 8 شهور لكنه فرّ مجددًا إلى “طويلة” ويرغب في مواصلة رحلته إلى عمق جبل مرة حيث مسقط رأس والده.

وتشهد مدينة الفاشر اشتباكات مستمرة منذ 10 مايو الماضي بين الجيش السوداني وقوات الحركات المسلحة المتحالفة معه وقوات الدعم السريع خلفت أكثر من الف قتيل وجريح بحسب منظمة أطباء بلاحدود وفرار الالاف من السكان نحو المناطق المجاورة.

يقول آدم إنه قرر الفرار من الفاشر برفقة أفراد عائلته المكونة من والدته وثلاثة شقيقات واثنين أشقاء الى منطقة جبل مرة حيث حدد وجهته الأخيرة الى منطقة “روكرو” شمال الجبل ليقيم فيها أقرباء والده.

رحلة الموت

يحكي آدم قصته المآساوية لـ”دارفور24″حيث انه العائل الوحيد لأسرته بعد وفاة والده بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور بداء السكري مايو العام الماضي.

عبر رحلة شاقة بدأت في فجر الخميس قبل الماضي تحرك أدم وعائلته من حي الوحدة بعد أن قاموا بحمل أمتعتهم في كارو يجرها حمار كان يستخدم في نقل المياه للمنزل من صهريج يبعد حوالي 500 متر.

حمل آدم على ظهر الكارو التي يجره حماره، 6 جركانة ماء وطحين ذرة ومستلزمات الطعام وبعض أواني الطهي والقليل من الملابس وبعض المستندات الثبوتية للعائلة، وتوجهوا غرباً رفقة 19 أسرة أخرى كمجموعات هرباً من جحيم الحرب المستعرة في الفاشر.

قال آدم إن عدد الشباب في رحلتهم 6 فقط أما البقية ويبلغ عددهم 47 شخصًا هن نساء وأطفال وكبار سن، ومعظم النساء تركن أزواجهن في المدينة بعد حملهم السلاح للقتال مع الجيش السوداني والحركات المتحالفة معه.

تفتيش ونهب

خلال خروجهم من الفاشر تعرض آدم والعائلات الفارة للتفتيش الدقيق من قبل القوة المشتركة للحركات المسلحة الموجودة غرب الفاشر وأضطر لإنزال كل الأمتعة لتفتيشها ومن ثم مواصلة السير حتى مغيب الشمس.

قال آدم أن سيارة تقل أعداد من الفارين تعرضت أمامهم لعملية نهب واسعة في طريق منطقة طويلة 55 كلم غرب الفاشر من قبل مسلحين يرتدون زي قوات الدعم السريع على ظهور درجات نارية، حيث تعرض ركاب السيارة للضرب المبرح بالسياط وأسمعوهم عبارات عنصرية قبل أن ينصرفوا بعد نهب مبالغ مالية تجاوزت 3 مليون جنيه سوداني وهواتف نقالة وبعض المصوغات الذهبية من النساء في السيارة دون أن يعترضوا سير عربات الكارو.

ويركب الأطفال والنساء المرضعات والحوامل وكبار السن عربات الكارو، بينما يمشي البقية سيراً على الأقدام لمسافات تتجاوز 5 كيلو ومن ثم أخذ قسط من الراحة والقيلولة، وتتوقف الرحلة غالباً بطلب من كبار السن، وفق آدم.

وأضاف أنه “لم يشعر الفارين من الفاشر بالراحة والاطمئنان إلا بعد وصولهم لأحد معسكرات حركة جيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور، على تخوم مدينة “طويلة” بعد يومين من الرحلة الشاقة”.

وشاهد آدم في رحلته الى طويلة عشرات السيارات والشاحنات تحمل الفارين معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن والفتيات رفقة ممتلكاتهم وبعض الماشية.

وجبة واحدة و3 أكواب ماء

وخلال الرحلة التي استغرقت 5 أيام تناول فيها الجميع 5 وجبات بمعدل وجبة واحدة في اليوم وشرب ثلاثة أكواب ماء في اليوم الواحد وسقي الدواب مرتين فقط خلال 5 أيام.

قرر آدم الذهاب إلى منطقة “روكرو” وهي حاضرة محلية شمال جبل مرة بولاية وسط دارفور، وهي مسقط راس والده، لأجل الإستقرار فيها واللحاق بالموسم الزراعي الحالي ريثما تتوقف الحرب والعودة لمواصلة تعليمه الجامعي.

رحلة أدم إلى “روكرو” بحسب حديثه تستغرق 5 أيام أخرى عبر مسار طويل ولكنه آمن وتتوفر فيه المياه وأماكن للراحة حتى نهاية الرحلة.