نيالا: دارفور24 : يتذكر سكان نيالا “بوضوح”  يوم 21 من شهر مايو الماضي اذ يمثل بالنسبة لهم يوما مأساوياً، في ذاك اليوم
الذي مضت عليه نحو (70) يوماً هُلع سكان المدينة بحادثة انفجار مخزن الزخيرة التابع
لقوات الدعم السريع الحكومية، اثناء احتفال ذات القوات بتخريج دفعة جديدة من جنودها،
واحدث الانفجار اضراراً كبيرة حيث ادى الى مقتل ما لا يقل عن (10) اشخاص وجرح أكثر
من (60) آخرين بالاضافة الى تدمير ما لا يقل عن (300) منزل، ومنذ ذاك الوقت لازالت
آثار الانفجار تلاحق المتضررين (آثار جسدية، ونفسية، ومالية، ومادية) ولا زالوا ينتظرون
التعويض عن حقوقهم التي قضى عليها الانفجار، رغم ان الحكومة شكلت لجنتين لحصر الخسائر
برئاسة المديرين التنفيذيين لمحليتي نيالا شمال وبلدية نيالا، وبالفعل قامت اللجنتان
بحصر الخسائر الجسدية (المصابين) والممتلكات والاثاثات، والمباني التي دمرها الانفجار،
وأدى المتضررون اليمين على ممتلكاتهم التي فقدوها بسبب هذا الانفجار، وبحسب واعضاء
لجنة محلية نيالا شمال- المحلية الأكثر ضررا- فإنهم اجروا مقابلات مع المتضررين ودونوا
خسائرهم في مدة استغرقت (15) يوم ومن بدء عملها، ومن ثم قامت اللجنة بنقل البيانات
الخاصة بالمتضررين من الاستمارات واحالتها لارقام مالية ومن ثم اعدتها في تقرير وسلمتها
لمعتمد محلية نيالا شمال بعد مضي (26) من حادثة الانفجار. 

* اجتماع عاصف للمتضررين.
بعد مضي (45) يوم من وقوع الحادث المأساة
عقد المتضررون اجتماعاً- بمسجد حي المطار القريب من موقع الانفجار- حضره نحو (200)
من المتضررين، عدد كبير من الذين تحدثوا في الاجتماع اشاروا الى ان الحكومة كانت (مبيتة
النية) للغدر بهم والتنصل عن وعودها باعادة حقوقهم اليهم، وربطوا حديثهم بتصريحات الوالي
ادم الفكي عشية الانفجار والتي احدثت غضباً واسعاً لدى سكان مدينة نيالا عندما قال
ان الانفجار صغيرٌ وان الخسائر التي احدثها طفيفة قبل ان يضطر الى الاعتذار عنها بعد
يومين من الحادث، وطرحت في الاجتماع جملة من التساؤلات والاستفسارات على نائب رئيس
اللجنة الشعبية للحي (حامد ازهري ود اللواء) باعتباره ممثلاً للمتضررين في لجنة حصر
الخسائر، وكان السؤال الملح عن المرحلة التي وصلت إليها اجراءات اللجنة وقائمة الاسعار
الخاصة التي وضعتها اللجنة مقابل الممتلكات التي فقدها المواطنون جراء الانفجار والتي
تسربت نسخة منها الى المتضررين من مكاتب اللجنة، والتي تحمل اسعاراً ليست لها علاقة
بواقع السوق بحسب ما ذكره المتضررون في الاجتماع حيث جاءت الاسعار أقل من ما هو في
السوق نسب اغلبها لا يتجاوز ال(20%).
(مرفق قائمة الاسعار المسربة)
بينما لم يستطع حامد ود اللواء تبرير
ما ذهبت إليه اللجنة في خطوتها التي اعتبرها المتضررون اعتداء على حقوقهم وظلم يسعون
به لتدمير الأسر التي ترك عليها الانفجار آثاراً نفسية وصحية، واشاروا الى ان بعض الأسر
تشتت شملها ولم تستقر على مدى الشهرين الماضيين، وقال ود اللواء ان لجنة حصر الخسائر
قدرت ان هناك بعض الاثاثات والممتلكات تأثرت جزئياً ويمكن تعويض اصحابها بالمبالغ التي
تمكنهم من اعادة ترميمها مرة أخرى، الأمر الذي قابله المجتمعون بموجه احتجاج كادت ان
تعصف بالاجتماع مشيرين الى انهم لا شأن لهم بترميم اي ممتلكات مدمرة وانهم لم يكونوا
على اتفاق مع قوات الدعم السريع عندما وضعت اسلحتها وزخائرها داخل الأحياء المأهولة
بالسكان، وسخر بعضهم من حديث ود اللواء وقالوا (ان قوات الدعم السريع لم تخطرهم بأنها
تريد تفجير المخزن ووافقوا لها بذلك حتى تعوضهم جزئياً ليقوموا بترميم ما دمره الانفجار).
في الاثناء علمت دارفور24 من أحد اعضاء
لجنة حصر الخسائر ان اللجنة رفعت طلب للغرف التجارية بنيالا لمدها باسعار الممتلكات
التي تم حصرها، اشار الى ان اللجنة مدتهم بالاسعار كما هي في الاسوق الا انه قال ان
من بينهم شخص يدعى فضل الغالي انضم للجنة يتوجيه من والي الولاية قام بالغاء اغلب اسعار
الغرفة التجارية ووضع اسعار من عنده، واضاف المصدر (عندما لاحظنا ان هذا الشخص سيدخلنا
في مشكلة مع المتضررين اوقفناه لكننا لم نستطع التعديلات التي اجراها في الاسعار.
* الحكومة ترفض الاجراءات القانونية.
على الرغم من التصريحات الايجابية التي
ادلى بها قائد الدعم السريع (محمد حمدان حميدتي) والتي قال فيها انه سيعوض المتضررين
عن اي ممتلكات فقدوها جراء الانفجار الا ان البعض اعتبر رفض النيابة فتح بلاغات لغالبية
المتضررين فيه مؤشرات تؤكد ان الحكومة لن تجبر اضرارهم، فقد بررت النيابة خطوتها- بحسب
عدد ممن رفضت طلباتهم لفتح بلاغات- بأن اجراءات حصر الخسائر والتعويض ستتم بموجب القرار
الذي اصدره والي الولاية الأمر الذي اعتبره قانونيون أنه أمر غير قانوني وانه يمكن
للحكومة ان تدفع ما تراه مناسباً معها وليس بناءً على الخسائر الحقيقية للمتضررين،
وليس بيد المتضررين ان يفعلوا شيئاً بينما اشار المواطن ود حمد الى انهم كمتضررين لا
يمتلكون نسخة من قرار الوالي الخاص بحصر وتعويض الخسائر.
* لجنة ال(10)
عندما أحس المتضررون من انفجار مخزن
الزخيرة ان هناك نوايا غير سليمة من اللجنة تسعى لضياع حقوقهم شكلوا لجنة من (10) اشخاص
بواقع (5) من حي المطار ومثلهم من حي المصانع، واوكلوا للجنة مهام متابعة حقوقهم وتنويرهم
اول بأول على كل الخطوات التي خطوها، والمراحل التي وصل إليها ملف نيل حقوقهم، وفي
أول اجتماع لها في اليوم التالي لتكوينها قامت اللجنة بصياغة مذكرة تضمن جملة من المطالب
ابرزها التعويض العاجل، وازالة انقاض ومخلفات المخزن الذي يقع بالقرب من مدرسة عمر
المختار الاساسية تفادياً لوقوع اضرار بين تلاميذ المدرسة واوضح عضو اللجنة سيف الدين
شمنا في اول تنوير انهم سلموا المذكرة لمعتمد المحلية ومجلس الولاية التشريعي وشرطة
الولاية وقوات الدعم السريع، لكنه أقر بأن اللجنة لم تتلقى اي ردود من الجهات التي
سلمتها المذكرة.
* تضارب المعلومات.
تعمدت حكومة الولاية خلق حاجز من التكتم
على وبحجب المعلومات والخطوات والمراحل التي بلغتها الاجراءات الخاصة بهذا الملف، ففي
الوقت الذي يؤكد فيه المسئولون بقوات الدعم السريع انهم تسلموا التقرير الخاص بمحلية
نيالا جنوب الاقل ضرراً، يقول معتمد نيالا شمال انه سلم التقرير الخاص باضرار مواطني
المحلية لوالي الولاية، وبعد مضي أكثر من اسبوع من حديثه الاول يعود معتمد نيالا شمال
ويقول لاذاعة نيالا المحلية انهم بصدد تسليم التقرير الى والي الولاية، بالاضافة الى
ان لجنة المتضررين على الرغم من انها إلتقت عدداً من المسئولين الا انها لم تستطع ان
تكشف بشكل واضح المراحل التي بلغها هذا الملف، لكن أحد المستشارين القانونيين قال
(لدارفور24) انه كان يتوقع ان يتحرك محامو المتضررين، الامر الذي لم يحدث لجهة ان المتضررين
لم يوكلوا محاميين ولم يتوقع اغلبهم ان تصل الأمور الى هذا الحد، لكن بحسب مصدر مسئول
بقوات الدعم السريع قال ان الملف تم تسليمه الى وزارة الدفاع.
* قلق ونزمر وسط المتضررين.
في ظل هذا الوضع الذي وصفه المتضررون
بالضبابي سادت حالة من القلق والتزمر ودعا بعض المتضررين الى تنظيم مسيرة مطلبية الى
مقر حكومة الولاية للمطالبة بحقوقهم، بينما رأى البعض الآخر ان المسيرة الاحتجاجية
قد تستقلها أطراف أخرى لخلق حالة من الفوضى قد تؤدي الى عواقب لا يحمد عقباها في ظل
الوضع الأمني الهش بولايات دارفور الى جانب ان الحكومة دائماً ما تستغل مثل هذه الظروف
لتصفية حساباتها عبر ما يسمى بقانون الطوارئ، لذلك فضل اغلب المتضررين ان تبذل لجنة
ال(10) جهداً اكبر لمتابعة حقوقهم، بجانب ان يتم تصعيد مطالباتهم عبر وسائل الاعلام
المختلفة.
* اوضاع اسرية مأساوية.
 بعد وقوع كارثة الانفجار لم يسلم منزل باحياء المطار
والمصانع والدياغة الا القليل وتحولت المنازل الى انقاض وفي المقابل لا يلوح في الأفق
بريق أمل من التعويضات حتى يتمكن المتضررون من اعادة بناء منازلهم، فاضطر البعض الى
مغادرة منازلهم في موجة نزوح واسعة الى الاحياء الاخرى، لكن المواطن ادم تكنة قال
(لدارفور24) ان هناك بعض المتضررين لن تسمح لهم ظروفهم بايجار منزل للسكن لذلك كانوا
مجبرين على استدانة مواد البناء من السوق معتمدين على التعويضات لسدادها، وتوقع بأن
تتسبب لهم هذه الخطوة في مشاكل مع الدائنين في حال تطاول الأمد عليهم. وقالت الحاجة
عائشة مالكة منزل دمر بصورة كاملة الى انها اضطرت الى بيع ما لديها من ممتلكات لاعادة
بناء منزلها واشارت الى ان اسرتها الآن تعيش وضعاً قاسياً بعد ان قضى بناء المنزل على
كل مدخراتها المالية.
* دراسة على ظلال الاشجار.
لم تقتصر الآثار المدمرة التي احدثها
الانفجار على منازل المواطنين فقد دمر بشكل كامل مدرسة عمر المختار التي لا يبعد موقعها
عن المخزن سوى بضع مترات لا تتجاوز ال(80) متراً وعندما حاولت مديرة المدرسة- في اول
لقاء للوالي مع المتضررين- التحدث عن حال المدرسة وما يمكن ان يترتب على التلاميذ في
حال عدم صيانتها قاطعها الوالي امام الحشد وقال لها المدرسة مدرسة حكومة ونحن مخيرين
بها، وبعد ايام تعرضت المدرسة لفوضى وعملية نهب واسعة افقدت المدرسة كل مقوماتها الدراسية
وقالت احدى المعلمات العاملات بالمدرسة (لدارفور24)- فضلت حجب اسمها- ان مدرسة عمر
المختار التي كانت تمد بعض المدارس بالاجلاس الآن تم نهب كل أثاثها الذي كان بالفصول
والمخزن، بسبب الاهمال الذي تعرضت له من قبل الحكومة رغم حديث الوالي لمديرة المدرسة،
وذكرت ان العام الدراسي بدأ في الاول من يوليو والآن مضى عليه شهر كامل ولا زال التلاميذ
يتلقون دروسهم في ظلال الاشجار، بينما لازالت انقاض المخزن متناثر في المكان ويخشي
السكان ان تؤذي اطفال وتلاميذ المدرسة.

فهل بعد هذا الصمت والاهمال تعيد الحكومة
للمتضررين حقوقهم من قبل الحكومة.