نيالا- دارفور24
في الثلاثين من يونيو رسم الثوار الرافضين لانقلاب 25 اكتوبر مشهداً لم تألفه مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور. مشهدٌ تعاطفت معه الطبيعة حيث اختفت شمس ذاك اليوم خلف السحب التي غطت سماء المدينة، فتماهى الغمام مع هدير آلاف المواطنين الذين خرجوا للمطالبة بحكم مدني يضع البلاد في المسار الصحيح الذي رسمته ثورة ديسمبر المجيدة.

قبيل انطلاقة الموكب من صينية السينما التي تتوسط المدينة إنتظم الجميع وراء لافتات كبيرة تطالب بالحكم المدني وأخري لمنظمات المجتمع المدني من محامين وأطباء وأحزاب وحركات مسلحة ولجان مقاومة الأحياء.

ومع تحرك الموكب كان هدير الأصوات يسمع في أحياء الجمهورية والسينما وحي الوادي والجميع يردد “نحن جند الله جند الوطن” تحية للعلم الذي رفع خفاقاً فوق الرؤوس بطول 200 متر.

 

سيل جماهيري شق الطريق شمالاً تعلوه الرايات والأعلام وصيحات شباب متحمس مؤمن بأن التغيير قادم لا محالة، يؤكدون خلالها أن جيلهم لن يسمح بأن يطول ليل الحكم العسكري في البلاد.

ويرصد مراسل دارفور24 في وجوه المشاركين في الموكب فكانت اعمارهم تضم مجموعة أجيال من بينهم الأطفال في ودون العاشرة، وما بين ذلك الى سن ال 40 وبعض الكهول الذين يؤمنون بضرورة تغيير هذا الوضع الذي تمضي فيه البلاد منذ ان كانوا اطفالاً قبل أكثر من ستين عاماً.

مشاركة كل الفئات العمرية في موكب 30 يونيو بمدينة نيالا كان بمثابة دليل قاطع على وعي الشعب السوداني بالوضع الذي آلت إليه البلاد بعد انقلاب 25 اكتوبر كما يقول احد المشاركين في الموكب.

ويضيف ان مشاركة المرأة كانت مذهلة، وعلا صوتها هتافاً “الدولة دولتنا والعسكر للثكنات والجنجويد يتحل، وما في مليشيا بتحكم دولة”

بشهادة الزملاء الصحفيين والمراقبين لحركة الاحتجاجات بالسودان منذ انقلاب 25 اكتوبر، فإن موكب ثوار مدينة نيالا كان مغايراً عن المواكب في بقية مدن السودان التي خرجت في توقيت واحد “توقيت الثورة” فكان التنظيم العالي والإحترام المتبادل بين المنظمين والمتظاهرين والإنصياع للتوجيهات هي السمة الغالبة بين المشاركين في الموكب الذي سار عبر طريق الشهيد زكريا مروراً بشارع جبل مرة والتوجه شرقاً نحو المجلس التشريعي نقطة التجمع الأخيرة قبل العودة إلى صينية السينما عبر طريق السكة حديد.

مئات الهواتف والكاميرات وثقت لهذه اللحظة التاريخية، وصاحب الموكب صحافييون ومؤسسات إعلامية عريقة تغطيةً للحدث المهم في مدينة نيالا.

 

من الصور التي ستظل راسخة في ذاكرة موكب 30 يونيو مشاركة ذوي الإعاقة وسيرهم لأكثر من 3 كيلو مترات التي قطعها الموكب من نقطة الإنطلاق الأولي والعودة إليها مرة أخري.

 

في المقابل كان للأجهزة الأمنية دور ايجابي أسهم في اكتمال سلمية الموكب، وقد علمت دارفور24 من مصادر شرطية ان لجنة أمن الولاية اتخذت خطة امنية مختلفة تماماً عن سابقاتها التي كانت تتعامل بعنف مع المواكب الإحتجاجية.

وقال المصدر الشرطي ان مدير شرطة الولاية اللواء محمد احمد الزين قام بجولة على طرقات المدينة قبيل انطلاقة المواكب لقراءة الواقع، الا ان ابعاده لأحد الضباط الذي كان يتسبب في كل موكب في الإشتباك مع المتظاهرين السلميين كان الاجراء الذي حفظ سلمية الموكب- على حد قوله-

ويروي الشرطي انه عمل مع ذاك الضابط لفترات في ادارة مكافحة الشغب، ويضيف: فكان يختلق المواجهات بين الشرطة والمحتجين كي يتقرب من مديري الشرطة الذين تعاقبوا على ادارة شرطة الولاية.

وبحسب متابعات دارفور24 فان قوة الشرطة ظلت منذ الصباح الباكر أمام قسم نيالا الأوسط منتظرة صدور تعليمات بالانتشار في الأماكن التي يتجمع فيها المتظاهرون إلا أن ذلك لم يحدث حتي نهاية الموكب السلمي في الثالثة والنصف ظهراً.

 

عقب نهاية الموكب وذهاب الكل في حال سبيله استغل البعض عودة الشباب بالطرقات القريبة من سوق نيالا الكبير، فتسللوا الى داخل السوق وحاولوا التخريب، الا ان القوة التي كانت ترابط في قسم نيالا وسط غربي السوق كانت الأقرب فتدخلت واطلقت الغاز المسيل للدموع، وتمكنت من اخراجهم من ردهات وطرقات السوق.