نيالا- دارفور24

بعد أربعة أشهر قضتها “فردوس” واسرتها في مرمى نيران الجيش والدعم السريع بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور قررت مع نساء الأسرة “والدتها وخالاتها وجدتها” الخروج من المنزل الذي يقع في أحد أكثر أحياء مدينة نيالا سخونة وتأثراً بالمعارك بين طرفي حرب ابريل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

 

 

ومنذ الخميس الماضي انقطعت كل شبكات الاتصالات عن مدينة نيالا أثناء اشتداد المعارك بين الجيش والدعم السريع حول وسط المدينة ومحيط قيادة الفرقة 16 مشاه، وباتت المدينة بلا اتصالات مع صعوبة في الحصول على أخبار السكان فيها.

 

 

“فردوس” وهي فتاة عشرينية قالت لدارفور24 انها حضرت كل المعارك والأهوال التي شهدتها المدينة منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل الماضي، وهي ترى المدينة التي أحبتها تُدمر وتُهد أمام عينيها، وأضافت “رفضنا الخروج من المدينة طيلة هذه الفترة رغم ان بن عمي أحد أوائل شهداء المدينة الذين سقطوا في اليوم الأول لاندلاع الحرب”

 

 

وتابعت: كنا نذهب عند اشتداد المعارك الى حي كرري في الضفة الجنوبية للوادي وأحياناً نتجمع عدد من نساء الحي في أحد منازل الجيران كان مبنياً بصبة خرصانية نظن أنه أكثر حماية من منازلنا، ونعود مرة أخرى بمجرد توقف اصوات المدافع وتراجع كثافة نيران المعارك، لكن في الأيام الأخيرة ازداد الوضع سوءً بعد ان اغلقت كل المحلات التجارية ونُهب بعضها، فأصبحنا نذهب بأرجلنا من حي “الوادي غرب” الى سوق الجبل شرقاً لشراء احتياجاتنا.

 

 

وتقول “فردوس” ان قوات الدعم السريع انتشرت في الآونة الأخيرة في كل أرجاء حي الوادي من “الجناين” جنوباً الى مباني منظمة “يونسيف” بشارع الضعين شمالاً، وذكرت انها شاهدت آلاف الجنود على السيارات وأكثر من 500 دراجة نارية “موتر” يتجولون في ارجاء الحي الأمر الذي كسر فيهم شكيمة البقاء في المدينة، فجاء قرار اخراج بعض افراد الأسرة إلى أحدي مدن دارفور التي تشهد أماناً.

 

وفي وصفها للوضع طيلة الأشهر الماضية تقول “فردوس” ان قوات الدعم السريع وضعت أحد ارتكازاتها بالقرب من منزلهم، ولكن رغم ذلك كل المنازل سرقت، وأضافت: عندما تقع سرقة او عملية نهب ليس هناك أية جهة يلجأ إليها المواطنون، فيتقدمون بالشكوى الى عمدة الحي “ابوسعدية” الذي بدوره يذهب الى قادة قوات الدعم السريع، فيتدخلون لارجاع بعض المنهوبات والبعض الآخر لا يعود.

 

 

 

بعد اشتداد المعارك التي استمرت منذ الاسبوع الماضي التي تهدف قوات الدعم السريع من خلالها الى السيطرة على مقر قيادة الجيش “الفرقة 16 مشاه” قالت انها شاهدت ما يسمون ب”الكسابة او الغنامة” ينتشرون في حي الوادي، واضافت “أثناء خروجنا من المنزل الى حي كرري في الضفة الجنوبية للوادي لاحظت سيارة قتالية تتبع لقوات الدعم السريع يتم استخدامها لكسر أحد ابواب المنازل، وبعد فتح الباب أخذ القادة الأشياء الثمينة من المنزل قبل ان يقتحمه بعض الجنود والكسابة الذين يستغلون المواتر، كذلك اقتحموا منزل جدتي وكسروا المخزن ونهبوا كل شئ، اضافة إلى أن أحد جيرانهم تم قفله في غرفة الحمام وتم نهب منزله بالكامل.

 

 

وأضافت “كذلك في طريقنا لحي كرري شاهدت أناساً مسلحين وغير مسلحين امتلأت بهم الشوارع من ضفة الوادي الى شارع الضعين شمالاً يحملون أشياءً يبدو انهم نهبوها من سوق المدينة الكبير.

 

 

 

ورغم ان الإصابات وسط المدنيين كانت كثيرة الا أن المؤسسات الصحية التي تستقبلهم انحصرت في الآونة الأخيرة في مستشفى نيالا التعليمي وسط المدينة والمستشفى السودانى التركي جنوبي المدينة، وحسب متابعات دارفور24 فإن المستشفى الأخير عجزت طاقته السريرية عن استيعاب أعداد المصابين الذين يستقبلهم يومياً.

 

 

 

وتروي “فردوس” انها رأت اثناء هروبهم من نيران المعارك الى حي كرري امرأة تمشي بأرجلها وتستند على اكتاف اثنين من افراد اسرتها لتعبر الوادي وهي في حالة نفاس وضعت طلفها للتو، ولا يستطيعون حملها في عربة الكارو حتى لا يتأثر جرح الولادة بحركة العربة.

 

 

 

“فردوس” تؤكد أن اغلب سكان نيالا خرجوا بعد أن أجبرهم اشتداد المعارك في الأيام الأخيرة، وقطعت بأن الأسرة الموجودة في نيالا حتى الآن فقط ليس لديها ما يكفي لدفع تكاليف تذاكر السفر، بعد ان ارتفعت اسعارها وتضاعفت عشر مرات فمثلا التذكرة من نيالا الى الفاشر عند بداية الحرب كانت بمبلغ 8 ألف جنيه، اما الآن فبلغت 75 ألف جنيه.

 

 

 

وأوضحت ان هناك أسر نزحت الى جنوب المدينة في داخليات الجامعة في منطقة موسيه والمدرسة الفنية الا أن الوضع هناك كان صعباً وغير آمن فاضطروا الى العودة لمنازلهم رغم اشتعال المعارك فيها.

 

 

 

وفور وصول القادمين من مدينة نيالا الى مدينة الضعين عاصمة شرق دارفور يستقبلهم عدد كبير من مواطني نيالا الذين نزحوا في الأيام الماضية، يسألون عن حال المدينة وسكانها الذين اجبرتهم الظروف المادية على عدم القدرة على توفير تكلفة تذاكر السفر التي ارتفعت من 20 ألف بداية الحرب الى 50 ألف جنيه هذا الاسبوع، وذلك بسبب ان جميع الاتصالات قطعت عن المدينة منذ الخميس الماضي.

 

 

 

وقال مفوض العون الإنساني بشرق دارفور ان مدينة الضعين استقبلت في الأيام الماضية نحو 83 ألف أسرة قادمين من مدينة نيالا التي تشهد معارك ضارية بين الجيش والدعم السريع.

 

 

واعلنت القوات المسلحة السودانية اليوم الاثنين مقتل قائد الجيش بمدينة نيالا اللواء ياسر خضر على يد أحد جنود الفرقة.