ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

تقرير:دارفور24
“37
عام قضيتها في القوات المسلحة صارت في مهب الريح”، بهذه الكلمات لخص الحاج (محمد
المختار) حالة المأساة التي تعرضت لها اسرته واسر أخرى جراء انفجار مخزن الذخيرة
بحي المصانع بمدينة نيالا  في مايو الماضي.
 الحاج المختار
روي “لدارفور24” انه عمل جندياً في القوات المسلحة وبعد ان تقاعد للمعاش
واشترى منزلاً واستقر فيه مع افراد أسرته “الثمانية” لكنه بوقوع هذه الكارثة
فقد كل ما يملك واصبح هو وافراد اسرته بلا مأوى لجهة ان الانفجار قضى على منزله وكل
ما يملك، وروى المختار كيف كانت حال ابنائه وبناته التسعة لحظة انفجار المخزن الذي
يبعد نحو (50) متر من منزله وكيف انهم تجمعوا داخل غرفة “الحمام” وكيف اجبرتهم
الدانات والقاذفات والراجمات والكاتيوشا على الخروج من “الحمام” بعد ان انهار
على رؤوسهم.
العم محمد المختار تحدث بأسى وقال انهم كمواطنين متضررين
رضوا بقضاء الله وقدره ان وقع الانفجار، لكنه انتقد بشدة- ما وصفها- بحالة الاهمال
التي تلت الانفجار وقال (عمري ما شفت اهمال بأرواح الادميين مثل الذي حدث لنا في احياء
المطار والمصانع بنيالا) وتابع (لا يعقل اكثر من ستة شهور والمواطنون يعيشون وسط غابة
من الذخائر غير المتفجرة وهي تحصد ارواح واجساد الاطفال باستمرار حتى بلغت حصيلتها
“22” طفلاً بين قتيل وجريح)
  الشرطة في الميدان
بعد مضي نحو “6” اشهر من انفجار الكارثة ومعايشة
الذخائر في الشوارع والطرقات وداخل المنازل وفي كل مكان بحيي المطار شمال والمصانع
وبعد ان بلغ عدد ضحاياها نحو “22” طفل بانفجار دانة ” الآربجي”
السبت الماضي التي مزقت اجساد الطفلات الثلاث الى اشلاء تدخلت قوات الشرطة لإزالة المخلفات
والذخائر في مشهد وجد الاشادة من مواطني الاحياء المتضررة من انتشار الذخائر فيها بطريقة
دفعت المواطنين الى مشاركة افراد الشرطة في حمل العبوات النارية غير المنفجرة وفارغ
الذخائر الى متن سيارة (الدفار) التي اضطرت الشرطة الى استخدامها في اليوم الثالث لنفير
جمع مخلفات المخزن، والذي شرعت فيه قوات الشرطة يوم الاحد الماضي عقب حادثة مقتل الطفلات
الثلاث.
 وقال مدير شرطة
محلية نيالا شمال الذي قاد حملة بنفسه المقدم شرطة “محمد الدود كافي” قال
ان هذه الحملة تؤكد قرب الشرطة من المواطن مشيراً الى انه بعد وقوع حادثة الانفجار
يوم السبت الماضي صدرت توجيهات من مدير شرطة الولاية ،عقد بناءً عليها اجتماع مشترك  برئاسة مدير دائرة الجنايات وضم شرطة نيالا شمال
واللجان الشعبية بالمحلية وخرج الاجتماع بضرورة تنظيم حملة لإزالة المخلفات بتكاتف
جهود الشرطة واللجان والمواطنين لإزالة هذه المخلفات التي قال انها خلفت اشياءً- وصفها-
بالمؤسفة،  مشيراً الى ان الحملة تمكنت في يومها
الثالث من تجميع كميات كبيرة من الذخائر الحية غير المتفجرة الموجودة داخل الاحياء
والطرقات بحيي المطار والمصانع، اشاد بتجاوب المواطنين مع الحملة بعد الارتياح الكبير
الذي ابداه المواطنون من الحملة، وتابع “الان معنا الاطفال الذين كانوا يلعبون
بالذخيرة ويعرضون انفسهم للخطر، الآن هم معنا من اجل التخلص من هذه المخلفات، وهم الان
عرفوا ان هذه الاجسام خطيرة على حياتهم وبدأوا يدلون الشرطة على مواقعها” وطالب
المواطنين بضرورة ابلاغ الشرطة بوجود أي جسم غريب غير منفجر او أي من مخلفات هذا المخزن
حتى تتمكن الشرطة من جمعه وازالة خطره على المواطنين، واكد ان الحملة ستتواصل الى ان
تتمكن من جمع اخر قطعة من المقذوفات المهددة لأرواح المواطنين بمدينة نيالا.
  التعويضات على الخط
بعد كل المعاناة التي عاشها سكان مدينة نيالا جراء الانفجار
الذي قلب حياة بعض الاسر رأساً على عقب لا زالت حقوق المتضررين يكتنفها الغموض بعد
مضي ستة اشهر على الحادثة، ففي الوقت الذي تقول اللجان الشعبية بحيي المطار والمصانع
المشاركة في لجنة حصر الخسائر التي شكلتها حكومة الولاية بعد ثلاثة ايام من وقوع الكارثة
تقول ان التقرير النهائي عن الخسائر الذي شاركت في اعداده وتم تسليمه لحكومة المحلية
لتسلمه بدورها الى حكومة الولاية قدرت فيه خسائر المواطنين في المباني والممتلكات بنحو
“33” مليار جنيه بالإضافة الى بضائع التجار التي بالمخازن والتي قدرت ب”10″
مليار جنيه، بينما يقول والي جنوب دارفور ان اللجنة رفعت تقديرات خرافية وغير معقولة
وذكر في مؤتمر صحفي ان اللجنة رفعت مبلغ قدره “220” مليار جنيه، مشيراً الى
ان هذا المبلغ يكفي لإنشاء احياء جديدة ناهيك عن تعويض، وألمح الى ان هذا المبلغ الذي
وصفه بالخرافي وراء تأخير التعويضات، لكنه عضو اللجنة الشعبية لحي المصانع “محمد
السوار” نفى حديث الوالي ووصف الامر بأن هناك تزوير شاب محتوى التقرير وتابع
“نحن كمواطنين متضررين اعطونا الـ “33” مليار هذه هي فقط حقوقنا ولا
شأن لنا بالمبلغ الخرافي” وطالب والي جنوب دارفور بإجراء تحقيق لكشف من هو وراء
زيادة تقديرات الخسائر التي تعرض لها المواطنون، في الاثناء ناشد منسق اللجان الشعبية
بمحلية نيالا شمال “حسن هلال” الحكومة الولائية والمركزية بضرورة البت في
مسألة تعويضات المواطنين المتضررين جراء انفجار مخزن الذخيرة، مشيرا الى ان لجان حصر
الخسائر بذلت جهداً كبيراً جداً وقامت بما يليها وسلمت تقاريرها لحكومة الولاية والجهات
المعنية بعد شهر من وقوع الحادثة، وتابع ” لذلك نأمل ان تفي الحكومة بتعويض المتضررين
بأسرع ما يمكن لجهة ان حجم الاضرار التي لحقت بالأسر كبيرة”
الموطن صلاح سكيكي والد الطفلة التي لقيت حتفها يوم انفجار
المخزن من جهته ابتدر حديثه (لدارفور24) ب “حسبي الله ونعم الوكيل” وقال
انه فقد طفلة بريئة  ليس لها ذنب سواء انها
سكنت حي المطار، واشار الى انه بعد الانفجار وعدت الحكومة بجبر الضرر وتعويض المتضررين
لكن للأسف كل ما قامت به لجنة حصر الخسائر صار حبراً على ورق، وتابع “حتى الآن
لم نجد لا تعويضاً ولا ديات، لكن ليس لنا سوى قول: حسبي الله ونعم الوكيل. وطالبت المواطنة
فاطمة ادريس- وهي تقطن بالقرب من المخزن- حكومة الولاية بإرجاع حقوقهم على وجه الفور
وقالت: ما ذنبي انا واسرتي لدينا ست غرف في المنزل تدمرت تماماً وقضينا فصل الخريف
في راكوبة من المواد المحلية “القش” وللآن ما في أي جهة حكومية جاءت لرد
حقوقنا التي دمرها الانفجار.
  

  الانقاض الخطر الماثل
المواطنون المتضررون ابدوا ارتياحاً لما قامت به الشرطة
لجمع الذخائر المنتشرة في الشوارع والطرقات والمنازل لكنهم طالبوا حكومة الولاية والمركز
بإزالة ركام وانقاض المخزن التي لا زالت تحتها كميات كبيرة من الذخائر التي لم تنفجر،
وقال صلاح سكيكي في ظل وجود هذا الركام لا يمكن ان تجد الطمأنينة طريقاً الى نفوس المواطنين
الذين يقطنون قرب المخزن، وتابع “من هنا نحن نطالب المسئولين ونقول لهم ارفعوا
عنا هذا الموت” واضاف “هذه مسئوليتكم امام الله، ولو عثرت بقلة بالعراق لسُئل
منها عمر، فما بالكم نحن مواطنون نتعرض باستمرار لرعب وحوادث انفجارات نتيجتها قتل
وبتر اجزاء من اجساد الاطفال” وتابع ” ما تتعرض له احياء المطار والمصانع
من رعب وترهيب، شكل لنا هاجساً نحن الكبار، فكيف يكون حال الاطفال” وناشد سكيكي
حكومة المحلية ووالي الولاية ورئيس الجمهورية بضرورة رفع هذه الانقاض والركام لأنها
ظلت تهدد امن واستقرار السكان، بينما طالب منسق اللجان الشعبية حسن هلال المواطنين
بضرورة الابتعاد عن مخلفات المخزن وكشف الذين يعملون في تجارة “الخرد” ويشجعون
المواطنين على جمع مخلفات المخزن لبيعها.