تقرير: دارفور24: “النذير وسحر وسكرة” عبد اللطيف سعيد الحلو اطفال يتامى توفي والداهم وتركاهم صغاراً، كان اكبرهم سناً النذير في عمر الخامسة سنوات، وجد هؤلاء الاطفال انفسهم في مهب ريح عاصفة رمت بهم في احضان الجمعية الافريقية لحماية الامومة والطفول بجنوب دارفور بحي المزاد بنيالا ضمن عشرات من الاطفال فاقدي الرعاية الابوية “مشردين” المتأثرين بالأزمة التي مرت بها دارفور في الفترة السابقة، “النذير وسحر وسكرة” لم يخطر ببال احدهم في ظل خضم هذه الحياة التي وجدوا انفسهم مجبرين ان يعيشوا بعيداً عن حنان الوالدين ورعايتهم، الى ان قيض الله لهم في يوم من ايام العام “2012”م محسناً من دولة تركيا احسوا معه فيما بعد بحنان الوالدين، ووجدوا عنده الرعاية على أحسن ما تكون الرعاية، الى ان صاروا ينادونه بـ “بابا خليل”.

رجل الاعمال التركي المحسن “خليل مرجلي” يروي لـ(دارفور24) كيف كانت قصة لقائه بهؤلاء الاطفال ويقول انه في صيف العام “2010” تقدمت له احدي المنظمات التركية العاملة في الشأن الانساني بطلب لدعمها لتنفيذ مشروع ذبائح الاضاحي في عدد من البلدان الاسلامية، وذكر انه تجاوب وقتها مع طلب المنظمة وقدم لها مبلغ من المال، واشار الى ان المنظمة بعد ان وزعت الاضاحي ارسلت له صورة توثيقية مع الاسر المستفيدة من هذه الاضاحي، واضاف ” عندما رأيت الصور نهضت من مكاني وتوضأت وصليت ركعتين لوجه الله، وعندما نمت رأيت في المنام نوراً في هيئة رجل يقول لي “على من انفقت ووزعت اضاحيك” واشار الى انه شعر بخوف عميق ولم يستطع التحدث في الحال، واضاف “في ظل هذا الخوف خرج مني صوت يقول “محمد” لكنني متأكد تماماً ان هذا الصوت لم يخرج من لساني” وتابع “في النهاية اوصاني الرجل وقال لي عليك بأهل السودان ودارفور” واشار خليل الى انه في اليوم الثاني اتصل على ادارة المنظمة وسألها عن المكان الذي وزعت فيه الاضاحي، وكانت الاجابة انها وزعتها في السودان في اقليم دارفور، ونوه الى انه لم يكن يعرف- وقتها- شيئاً عن دارفور، وقال لإدارة المنظمة انه يريد زيارة دارفور، وإنه سيزيد دعمه الى “40” اضحية، وابان انه في ذات العام لم يستطع زيارة دارفور بسبب تعقيدات الاجراءات لكنه تمكن من ذلك في عيد الاضحى “2012”م، وذكر انه وصل مدينة نيالا ووقف على توزيع الاضاحي من قبل المنظمة الذي كان يتم بالتنسيق مع الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة بجنوب دارفور، وقال انه اثناء تواجده في مقر الجمعية لفت انتباهه احد الاطفال يدعى “النذير” فناداه واخرج مبلغاً من المال ليهديه إليه، لكن الطفل رفض استلام المبلغ- على حد قوله- وتابع بعد اصراري عليه تقبل استلام المبلغ، وأخذت معه صور فوتوغرافية، وسافرت بعدها الى بلده تركيا.

ويروي خليل مرجي انه بعد عودته لتركيا عادت الى ذهنه صورة الطفل فقام بإرسالها الى ادارة الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة بنيالا وطلب منها مده بتفاصيل حياة الطفل “النذير” وكانت الاجابة بحسب خليل ان الطفل ومعه اختاه يتامى الابوين وليس لهم احد من الاقرباء ليعيلهم سوى رعاية الجمعية، واشار الى انه في الحال اعلن تكفله برعاية النذير واخوتيه، سحر “5” سنوت وسكرة “3” سنوات، وابان انه منذ ذاك اليوم التزم بتوفير كافة احتياجات الاطفال الثلاثة، المعيشية والدراسية بعد ان طلب من ادارة الجمعية ادخالهم في المدارس، مشيراً انه في العام “2015” قرر زيارتهم مرة اخرى وقام بإيجار منزل لهم بحي المطار بنيالا.

وفي ذات التوقيت 14 فبراير عاد خليل لزيارة الاطفال مرة أخرى في العام “2018” وعندما وصلهم في المنزل بحي المطار لم يستطع ان يحبس دموعه وانخرط مع الاطفال في نوبة بكاء طويلة، وقام بزيارة المدرستين اللتين يدرسون فيها وتكفل في الحال ببناء السور الشرقي لمدرسة علي بن علي طالب التي يدرس فيها النذير وسلمهم تكاليف البناء في الحال “1750” دولار في الحال وقام بتوزيع ملابس ومستلزمات راسية لزملاء النذير في المدرسة، ومن ثم تحرك الى مدرسة خديجة بنت خويلد التي تدرس فيها “سحر وسكرة” وقام بتوزيع الملابس والمستلزمات الدراسية لعدد من التلميذات في المدرسة.

تعهد رجل الاعمال التركي خليل مرجلي بأن يواصل رعايته للأطفال الثلاثة الى ان يكملوا دراستهم الثانوية والجامعية، وقال في لقائه بوالي جنوب دارفور خلال زيارته لمدينة نيالا انه سيظل يرعى هؤلاء الاطفال الى ما بعد تخرجهم من الجامعة وان رغبوا في دراسة الجامعة خارج السودان فإنه مستعد لذلك وأكد انه في حال تخرجهم سيوفر لهم راتب شهري اعلى من الراتب الذي يتلقاه الموظفون السودانيون، واضاف “عمري الآن “61” عاماً واوصيت ابنائي بأن يواصلوا رعاية هؤلاء الاطفال ان مت وخصصت لهم اموالاً من شركاتي ستكون لهم سوى ان كنت حياً او ميتاً”

الاطفال النذير وسحر وسكرة الذين يدرسون جميعهم في الصف الخامس اساس وعدوا خليل بأن يكونوا عند حسن ظنه وان يواصلوا تعليمهم ويدرس النذير الهندسة الزراعية، وسحر الهندسة المعمارية ،وسكرة تدرس الطب، وعبروا عن شكرهم لـ “بابا” خليل- كما يدعونه- وقال النذير ان ما يقوم به رجل الاعمال التركي عمل لن يصدقه احد الا عندما يقف عنده على الواقع.

فيما امتدح مدير الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة الهادي عيسى سعيد العمل الانساني الذي يقدمه رجل الاعمال التركي “خليل مرجلي” وقال انه منذ ان اعلن رعايته لهؤلاء الاطفال لم يترك لهم فرصة الحاجة لأي شيء منوهاً الى ان خير هذه الرعاية امتد ليشمل المدرستين اللتين يتلقى فيها هؤلاء الاطفال تعليمهم وزملائهم التلاميذ والتلميذات، وذكر انه تكفل بإنشاء بئر لمياه الشرب داخل الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة التي تعد مقراً لسكن العشرات من الاطفال فاقدي الرعاية الابوية، بجانب طلبه دراسة شاملة عن الاطفال المشردين بمدينة نيالا ليتمكن من رعايتهم وكفالتهم جميعاً والاسهام في معالجة مشكلة تشردهم بصورة نهائية.