كشف القيادي في قوى الحرية والتغيير والأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني الماحي محمد سليمان، عن قيام قيادات تتبع لحزب المؤتمر الوطني المحلول، في عدّة ولايات بينها ولايتي سنار وجنوب كردفان، بعمليات استقطاب وحشد واسع وتوزيع للأموال وتجهيز للبصات لمجموعة من المواطنين، تمهيداً للمشاركة في المسيرة المُزمع قيامها بعد غدٍ السبت (14 ديسمبر)، والتي تتزامن مع صدور قرار محاكمة رئيس الحكومة البائدة عمر البشير.

وقال سليمان، لـ(دارفور24): «الداعيين لمسيرة السبت، يريدون السباحةعكس التيار، لا يمكن بعد اليوم أن يرضى بهم أحد، وإذا هذه المسيرة جاءت من أي جهة أخرى لها علاقة بالثورة يُمكن أن تنجح، لكن أن تكون مسيرة لإرجاع نظام سابق فهي مجرّد (فرفرة مذبوح)، ولن تنجح ولن تجد إستجاية، لكنها قد تُثير بعض البلبلة الأمنية إذا قامت».

ولم يستبعد تطبيق القانون باعتبار أن المؤتمر الوطني حزب محلول بقانون تفكيك النظام، كما لم يستبعد حدوث إجراءات استباقية بتطبيق إجراءات الأمن الوقائي، لتجنب أي إحتكاكات، وأي تجييش مُضاد، ناصحاً حزب المؤتمر الوطني، بالتعقّل، وعدم إدخال البلاد في مشاكل أمنية طالما الشارع لفظهم.

وأشار سليمان،إلى أن هنالت تسريبات بأن قوى الحرية والتغيير أبلغت الحكومة، بالتبعات الأمنية حال قيام المسيرة، متوقعاً حدوث إجراءات أمنية إستباقية، مع تأجيل محاكمة المخلوع، المتزامن مع يوم (الزحف الأغبر) ـ على حد وصفه ـ

بدوره، نوّه الخبير العسكري والناطق الرسمي للقوات المسلحة سابقاً العميد الصوارمي خالد سعد، إلى أن خروج المسيرات للتعبير عن الرأي أمر طبيعي في ظل الحرية والديمقراطية، لافتاً إلى أن المظاهرات والمسيرات في عهد الإنقاذ لم تكُن متاحة بكثرتها الحالية، كما لفت إلى أنه خلال معاصرتهم للديمقراطية الثالثة، كان الناس يخرجون في مسيرات لأبسط الاسباب، وهي من أم سمات سنوات الديمقراطية.

ورأى الصوارمي، في حديث خصّ به (دارفور 24)، أن مسيرة 14 تأتي في ذات التيار، منوهاً في الوقت ذاته إلى أنها مسيرة تحت سمع وبصر وموافقة الحكومة والتي أوجدت فسحة ليُعبّر الجميع، مُبدياً تخوفه من الاستغلال السيء لمثل هذه الحريات، باعتبار أن كل مسيرة يتم التصديق إليها باجندة، كما تخوّف ان تخرج عن الاجندة المصدق والمصرح بها.

وذهب العميد الصارمي، إلى أن الشعب يعتقد أنهُ حتى اللحظة لم يتحقق المنشود، رغم مضي حوالى 9 أِشهر، وبالتالي إذا خرجت المسيرة عما هو مُصرّح له يمكن ان تخلق مشاكل، وتؤدي الى انقلاب عسكري، او إحداث تغيير جوهري داخل مجلس السيادة أو الوزارء، علماً بأن هدف المسيرات دائما يكون تغيير وضع حالي، مما يجعل كل التحسبات قائمة.

وبشأن مخالفة حزب المؤتمر الوطني للقانون في حال قاد هذه المسيرة، قال الصوارمي: «في حاجة الناس ما عارفنها الناس، عندما تحظر حزب، ما معناها حظرته الناس، ما معناها الناس بتاعين الحزب أصبحوا هُم محظورين، ففي منتهى الحرية سيقولون لك طالما حظرته حزب فأنا مستقل، لكن من ناحية تاريخية يمثلون حزبهم».

وأضاف: «حل الأحزاب ليس جديداً، فسابقاً حُلّ الحزب الشيوعي، هل معناها الشيوعيين اتحلوا؟.. الإنقاذ عندما جاءت حلّت الأحزاب، هل المنتمين لتلك الأحزاب اتحلو؟.. حل الأحزاب لا يعني حل الأشخاص، وبالتالي أؤكد لك أن الأشخاص موجودين بولائهم الحزبي».

واستبعد العميد الصوارمي، حدوث إنقلاب خلال المسيرة، قائلاً: «لا أتوقع مطلقاً أن يُصحاب هذه المسيرة إنقلاب عسكري».

في السياق، أكّد أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري محمد أحمد شقيلة، أن صدور قانون تفكيك بنية التمكين وفقاً للوثيقة الدستورية، يجعل أي نشاط لعناصر النظام المُباد مخالفاً لـ(القانون)، ولذك فإن مسيرة 14 ديسمبر، المُزمع قيامها من قِبل عناصر النظام البائد، مُخالفة للقانون، وتُجعل عناصر الحكومة البائدة عُرضة للمساءلة القانونية.

وعدّ شقيلة، المسيرة بمثابة استفزاز كبير للشعب السوداني الذي خرج لاسقاط نظام يقوده حزب المؤتمر الوطني، وإذا تم ترك عناصر النظام المُباد في حالهم باعتبار أن هنالك وطن يحتاج إلى بنائه، إلا أن الاستغلال السيء لمثل هذا الأمر يدخل في إطار الاستفزاز، مما يُعرّضهم في حال خرجوا في أي مظاهرات إلى أمرين، أولاً: غضب عارم من الشعب السوداني خاصةً من لجان المقاومة، وعناصر النظام المُباد يجب أن يعلموا تماماً أنهُم في الوقت الراهن يعتبرون (أيتام)، فكل قوتهم كانت مستبدة من السلطة التي فقدوها، ثانياً: الأجهزة الأمنية الحالية ليست أجهزة النظام المُباد، وهي مسؤولة من خلال اللجنة الأمنية عن حفظ الأمن العام في البلاد.

ونوّه شقيلة، إلى أن عناصر الأمن الحالية هي ضد مسألة الإسلام السياسي، وتربطهم اتفاقيات مع دول خارجية حول هذا الأمر، ولا يُمكنهم التراجع عنها، ما يعني وبكل وضوح أن أي خروج من تلك العناصر بأي نوعٍ من المسيرات ستواجهه الأجهزة الأمنية بكل قوة، خاصة فيما يتعلّق بقوات الدعم السريع والتي ربما تأتيهم في لِباس شرطة.

ومضى قائلاً: «على أي حال يكون من الرُشد بالنسبة لعناصر النظام البائد أن يستسلموا وأن يقتنعوا أن المرحلة ليست مرحلتهم، وعليهم الإنتظار حتى تُسفر الأيام عن ما تسفر عنه، ومن ثم يُمكنهم لملمة أطرافهم من جديد وعودتهم إلى الحياة السياسية، خاصةً أن قانون تفكيك لِبنية التمكين وحل حزب المؤتمر الوطني، وفي ذات الوقت لم يحظر على الإسلاميين حقهم في ممارسة العمل السياسي، فكل الذي قاله إنه لا يُمكن ممارسة أي عمل سياسي بالنسبة لهُم عبر تنظيم المؤتمر الوطني، فماذا يريدون أكثر من ذلك؟.. الوطن كان سيضيع لولا أن أخذ الشعب منُهم السلطة، هل يقصدون أنهم يريدون السلطة ولو على حساب ضياع الوطن؟ هذا أمرًُ لن يكون، وإذا قاموا بأي محاولة للخروج في يوم 14 فهذه حماقة يدفعوا ثمنها غالياً.

ولفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري، إلى أن دعوة الحزب المحلول، للمسيرة ليست خوفاً منهُم على المحاسبة، باعتبار أن المحاسبة لن تطال أحد إلا بالقانون، فكل من أخطأ أو أجرم في حق هذا الوطن أو شعبه سيجد جزائه، زد على ذلك أن فكرة المسيرة هي خلق نوع من البلبلة ومحاولة لإسقاط النظام الذي أوجدته ثورة ديسمبر، وبالتالي هي محاولة تهدف إلى واحد من إثنين، إما عودتهم إلى السلطة مجدداً وهذا وهم كبير، أو خلق نوع من البلبلة وعدم الاستقرار السياسي في البلد، وهذا هو ما يخططون لهُ، لكن هيهات لهم، هذا أمر غير ممكن، ليس لديهم القوة أو سلطة الدولة التي كانوا يُمكن أن يفعلون بها ما يشاؤون، فالسلطة تحوّلت إلى جهة ثانية وهي قوة الثورة، سواءً بِمكونها المدني أو العسكري.

وقال شقيلة، إنه وطبقاً لمعلوماته فإنه لم تعلن أي جهة رسمية عن هذه المسيرة، مضيفاً أن الأمر كله عبارة عن مراسلات عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ولكن من باب الاحتياط يجب على السلطة الحاكمة الآن أن تُصدر قراراً بمنع بمثل هذه المسيرة مُسبقاً، لأن في حال خروجها سيكون الأمر مختلفاً في التعامل مع عناصر النظام المُباد.

من ناحيته، خاطب القيادي في حزب المؤتمر الشعبي الدكتور إسماعيل حسين، قيادات وعضوية حزب المؤتمر الوطني قائلاً: «ما كفاية عليكم 30 عاماً.. مرحلتكم إنتهت.. ما الذي تريده يا حزب المؤتمر الوطني من الدعوة للمسيرة؟، هل تريد أن تقول أنك حي؟، أما ماذا تريد أن تفعل؟، ألم تقولوا أن لكم 12 مليون من الأنصار، أين هُم عندما خرج الشعب وأسقط الإنقاذ؟.. المسيرة ومحاكمة البشير معزولة ولا قيمة لهما، لأن هنالك ملفات أكبر منهُما.

وشدد إسماعيل، في حديثه لـ(دارفور)، على أهمية وجود قضاء نزيه للمحاسبة بخصوص القضايا الجنائية من اعتداء على مال عام، أو حُرمات، أو أرواح الناس، قائلاً: « زمن الحصانات انتهى، وهاهو رئيسك المخلوع قابع اليوم في (القفص)، وأما المحاسبة السياسية فهي في صندوق الانتخابات، والشعب هو الذي سيُحاسب».

ودافع حسين، عن حرية التعبير من خلال المسيرات لكن طرح سؤالاً مفاده: (ما الذي تُريد أن تعمله في المسيرة؟)، فالمؤتمر الوطني ظلّ ثلاثون عاماً حاكما والبلد في يده حتى 11 أبريل، والآن ماذا يملك ليُقدمه للشعب؟، فعندما خرج الشعب قال المؤتمر الوطني أن له 12 مليون عضو، أين هُم؟، لم يخرح حتى (12 زول).

ونصح حسين، الحكومة، بعدم اتخاذ اي اجراءات ضد من يخرجون خلال المسيرة، قائلاً: «النار لا يتم إطفائها بالنار،النار تطفئ بالماء، وأي زول يرفع (لافتة) باسم المؤتمر الوطني لأجل أن يعود مجدداً ليحكم، أنصحه بأن يذهب إلى مصحة للعلاج، كما أن الحكومة ستكون غبية إذا منعت المسيرة لكونها (كمين) يُريدونها أن تقع فيه، وبالتالي عليها حفظ النظام العام فقط.

وقال القيادي في حزب الراحل الدكتور حسن الترابي، مخاطباً قيادات وعضوية حزب المؤتمر الوطني المحلول، قائلاً: «إذا لديكم شيء من الحكمة، عليكم بالإعتكاف ومراجعة أنفسكم،لأنكم إنتهيتم، ولا مستقبل لكُم في البلد».

وتأتي رؤة من إستنطقتهم (دارفور 24)، في قت يتوقع فيه أن تتجه المسيرة صوب القصر الرئاسي، لتسليم مذكرة إلى المجلس السيادي، تتضمن المطالبة بإلغاء قانون تفكيك نظام الإنقاذ، الذي يستهدف تفكيك البنية الاقتصادية والسياسية لنظام الرئيس عمر البشير، الذي أطاح به قادة الجيش في 11 أبريل الماضي، استجابة لثورة شعبية شاركت فيها فئات الشعب السوداني.