نيالا- دارفور24

طغى الطابع الأمني على ملامح زيارة عضو المجلس السيادي الانتقالي محمد حسن التعايشي لجنوب دارفور التي استهلها في أول ايام عيد الفطر المبارك، واستغرقت ثلاثة ايام، رغم ما تعانيه الولاية من ازمات في المجال الصحي بسبب جائحة كورونا، بالاضافة الى قضايا دقيق الخبز، الوقود، والانقطاع المستمر للامداد الكهربائي بمدينة نيالا منذ منتصف شهر رمضان، وتجول التعايشي خلال الزيارة على حاضرة الولاية نيالا ومحليات تلس جنوب الولاية وام دافوق الحدودية مع افريقيا الوسطى ومرشينج شمال الولاية.

ولجهة ان الولاية شهدت خلال الايام الماضية احداثاً أمنية وقتال قبلي بين الفلاتة والرزيقات، بالاضافة الى شيوع أنباء عن توترات بين الفلاتة والتعايشة في المناطق الحدودية بين محليتي تلس وام دافوق اللتين تقطنهما القبيلتين، فقد تلقى التعايشي فور وصوله عاصمة الولاية نيالا تنويراً من لجنة امن الولاية حول الأوضاع الأمنية والجهود المبذولة أمنياً لبسط هيبة الدولة ومنع الانفلات الأمني.

واكد عضو المجلس السيادي في تصريحات عقب الاجتماع اهتمام الدولة بإنفاذ القانون وبسط هيبة الدولة ومعاقبة أي متفلت، وقال إنه آن الأوان لبناء شراكات فعلية مع الأجهزة الأمنية الرسمية والمواطنين والهيئات الشعبية لبناء سلام اجتماعي حقيقي، لكنه أقر بأن ذلك يتطلب الإسراع للوصول لاتفاق سلام شامل يعالج جذور المشكلة.

 وتطاول أمد المفاوضات بين الحكومة الانتقالية لثورة ديسمبر وحركات الكفاح المسلح، وعجز الطرفان من التوصل لسلام رغم مضى أكثر من ثمانية أشهر منذ انطلاقة المفاوضات التي تستضيفها عاصمة جنوب السودان “جوبا” ولجهة ان التعايشي عضواً في وفد الحكومة المفاوض في جوبا فقد حرص- قبل توجهه الى محلية تلس- على ضرورة المعالجات الجذرية لقضايا السلام بدارفور وفي السودان عامة، وقال إن التقاليد التي كانت تعالج بها قضايا الصراع في دارفور وفي مناطق أخري من  السودان كانت خاطئة .

وشدد التعايشي على أن مرتكب الجريمة ينبغي أن يحاسب هو بجريرته ولا يتحمل مجتمعه أو قبيلته أو أسرته ما اقترفه من جرم، ” لا يمكن تجاوز هذه الصراعات الا بمحاسبة مرتكبي الجرائم التي تؤججها” مؤكداً اهتمام الدولة بقضايا المواطنين والاستماع لآرائهم ومقترحاتهم عبر الزيارات المتكررة للمسؤولين.

وأكد عضو مجلس السيادة الانتقالي- في تلس- ان تواصل الحكومة المركزية مع المحليات والمناطق الريفية مهم وضروري لأن وظيفة الدولة إدارة حوار مباشر مع الجماهير، مشيراً الى أن اي دولة لا تستطيع إدارة هذا الحوار وليس لديها القدرة للاستماع لقضايا المواطنين والالتزام بقضاياهم غير جديرة بالاحترام.

واضاف ان الدولة لا تستطيع ان تطالب الناس القيام بالواجبات والاستحقاقات ما لم تقم بدورها تجاههم وذكر في لقاءاته مع مواطني محلية “تلس” أن الحوار مع المجتمعات مفيدٌ ويغير مفهوم المواطنين تجاه الدولة، واضاف “الرسالة الأساسية التي نجنيها من هذه الزيارات هي إدارة حوار صريح وأمين مع المجتمعات المحلية حول قضايا الأمن والسلام والتنمية وقضايا الفترة الانتقالية

وقال التعايشي انه اجرى لقاءات مع الإدارات الأهلية وقوى الحرية والتغيير واللجنة الامنية ولجان المقاومة والمرأة بمحلية تلس، مشيراً الى أن هناك تطابقاً وتفاهماً حول الموضوعات التي تم التناقش عليها وأن هنالك تأكيداً كاملاً، بضرورة إكمال مشروع السلام، وبسط هيبة الدولة والقانون، ثم إدارة نقاش حول قضايا التنمية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية.

واشار عضو مجلس السيادة ان هناك صوتاً عالياً يتحدث عن الإهمال والتهميش التاريخي لهذه المناطق، تحديداً قضايا التنمية والمشاركة السياسية قائلا “انه أستمع لآراء ناضجة واستعدادات كبيرة وتعهدات اساسية من قوى الحرية والتغيير والادارة الاهلية والقيادات الشعبية بضرورة التعاون معا لبسط هيبة الدولة وانفاذ القانون لإزالة التوترات والصراعات التي تشهدها هذه المناطق

وفي محلية ام دافوق بحث التعايشي مع اعيان وفعاليات محليتي ام دافوق رهيد البردي القضايا الأساسية وأهمية السلام وتأمين منطقة الحدود واهمية بسط القانون وهيبة الدولة كاجراءات وقائية مهمة.

وتشهد بعض مناطق محلية ام دافوق توترات بين قبيلتي التعايشة والفلاتة بسبب حوادث أمنية اغلبها ناتجة عن سرقات للماشية من الجانبين، راح ضحيتها عدد من المواطنين آخرها وقعت الاسبوع الماضي في منطقة “الكركر” حيث قتل فيها 4 اشخاص ونهب اعداد من الماشية واضطر بعض الرعاة من الفلاتة الى مغادرة المنطقة خوفاً على مواشيهم، ما دفع قوات الدعم السريع التي ترابض في المحليات الجنوبية للولاية الى الاعلان عن ارسال قوات قوامها 100 سيارة قتالية، بعد ان وقف قائد ثاني متحرك “اعادة الحق” اللواء “عصام صالح فضيل” على حقيقة الاوضاع بالمنطقة قبل يوم من زيارة التعايشي.

الا ان عضو المجلس السيادي حاول بث الطمأنينة في نفوس سكان منطقة “الكَركَر” مؤكداً حرص الدولة علي تحقيق السلام وبسط هيبة الدولة والمحافظة على أرواح المواطنين وممتلكاتهم في جميع أنحاء البلاد، ووجه القوات النظامية المختلفة بإسترداد الأموال والأنعام المنهوبة وتقديم الجناة لمحاكمات عادلة، داعيا المواطنين بالتبليغ الفوري والإرشاد عن المجرمين، وقال إن الأمن مسؤولية الجميع، ووعد التعايشي بوضع معالجات جذرية لقضايا منطقة الكركر.

وطالب قيادات الأهلية بمحليتي تلس وام دافوق الحكومة بالجدية في بسبط هيبة الدولة، وتنفيذ مشروع جمع السلاح من ايدي المواطنين، وتكوين مفوضية مختصة من الجهات ذات الاختصاص لتنفيذ هذا المشروع لجهة ان انتشار السلاح هو السبب الاساسي في وقوع التفلتات واندلاع القتال القبلي، واكد ناظر الفلاتة يوسف السماني البشر ان الاحداث التي شهدتها المحلية اشعلت الفتنة بالولاية وازهقت أرواح العشرات، الا انه اشاد بالمجهودات التي لعبتها قوات الدعم السريع لوقف القتال.

واختتم وفد عضو المجلس السيادي الانتقالي جولته على جنوب دارفور التي رافقه فيها وزير شئون مجلس الوزراء السفير عمر مانيس ووزير الدولة بوزارة البنية التحتية بزيارة محلية مرشينج وبليل للوقوف على الاوضاع الأمنية وتقديم التعازي في ضحايا حادث المرور بشنقل طوباي الاسبوع الماضي الذي راح ضحيته أكثر من 55 شخص واحداث حجير تونو التي وقعت في مارس الماضي.