نيالا- دارفور24
في صباح يوم ماطر جلس يعقوب إسحق 35 سنة في مركز “الإيواء” بمدرسة نيالا الفنية في الضفة الجنوبية لمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور يفكر في المستقبل البعيد بعد أن ترك منزلهم القابع بحي “الإمتداد” شمال المدينة بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي والتي خلفت مئات القتلى والجرحي بحسب تقرير صادر عن وزارة الصحة بالولاية.

 

يعقوب روى لدارفور24 الظروف التي أجبرته على مغادرة منزله، ومأساة جيرانه الذين فقدوا حياتهم جراء سقوط قذيفة على منزلهم منتصف مايو الماضي مخلفةً ثلاثة قتلى وجرحى إثنين، وأضاف “تلك القذيفة قتلت الأم وإبنيها وحفيدها في الحال وأصابت عدد من أفراد الأسرة جرى نقلهم للمستشفى السوداني التركي بنيالا”

 

ويقول يعقوب أنه غادر مع أفراد أسرته منزلهم في صباح يوم مستغلاً عربة “كارو” متجهاً الى مركز الايواء بعد أن هدأت الاشتباكات بين الطرفين، وذلك خوفاً من القذائف التي ظلت تتساقط على حيهم “الإمتداد” وقتلت أكثر من ثلاثة أسرة في أماكن مختلفة من الحي وإصابة العشرات.

 

حالة يعقوب أقل مأساوية عن حال الطفلة آيات عمر هرون 16 سنة التي فقدت والدها بسبب رصاصة طائشة، الذي كانت ترتكز عليه هي وأفراد عائلها في حياتهم.

 

آيات قالت لدارفور24 ان أسرتها التي تضم والدتها وأربعة من الأطفال قررت مغادرة المدينة للأبد وفي نفوسهم ذكرى سيئة بفقد والدهم، وأضافت: أنا أكبر اخوتي الأربعة ووالدتي سنهاجر إلى أي مكان بعيداً عن نيالا”.

 

رفضت آيات تحديد وجهتها رفقة والدتهم التي تعاني هي الأخري من فقدان شريك حياتها بعد 17 عام من الزواج بحسب حديثها.

 

في أزقة حي الجمهورية وسط مدينة نيالا نزح جميع المواطنين وغادروا المنازل إلا من بعض الشباب الذين ظلوا باقين لحراستها بعد أن تعرضت لعمليات سرقة واسعة من مسلحين أثناء إشتباكات الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي.

 

اثناء تجول مراسل دارفور24 وسط الحي لاحظ “عمر حسن خالد” يقف في ركن قصي بعد أن أغلق مع رفاقه الطريق المؤدي إلى داخل الحي “الترس” وهو يراقب حركة القادمين والعابرين ليستوثق من سبب مرورنا داخل الحي.

 

قال لنا عمر إن المنازل خالية من السكان، وأكتفى بقوله إنهم باقون لحراسة ما تبقى من الممتلكات رافضاً الإدلاء بالمزيد.

 

وقالت ممثلة مبادرة المنظمات والعمل الإنساني بالولاية سناء محمد أحمد لدارفور24 أن نحو 500 أسرة تم حصرها بالفعل هجرت منازلها بأحياء نيالا شمال وغادرت إلى وجهات مختلفة من بينها محليات “عد الفرسان، قريضة، كبم، بليل، مرشينج، رهيد البردي، برام، اضافة الى مراكز الايواء جنوبي المدينة”.

 

وقالت سناء أن أحياء جنوب المدينة شهدت عملية نزوح جماعية من شمال المدينة، تم ايواءهم في ثلاثة مخيمات في “المدرسة الفنية بنين وبنات بحي “كرري” ومدارس الوحدة بأحياء “تكساس”.

 

وتشهد مدينة نيالا منذ أبريل الماضي إشتباكات متقطعة أسبوعياً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تسقط على إثرها قذائف الاسلحة الثقيلة على منازل المواطنين في أحياء ويط المدينة مما أجبر مئات الأسر على الفرار.

 

ووفقاً لتقرير صادر من وزارة الصحة بجنوب دارفور- اطلعت عليه دارفور24- فان الإشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اندلعت منتصف أبريل الماضي قتلت 100 شخص واصابت 500 شخص بجروح متفاوتة.

 

فيما كشف أحد العاملين بمفوضية العون الإنساني بجنوب دارفور رفض ذكر أسمه لدارفور24 عن صعوبة وصول المساعدات الإنسانية لمراكز الإيواء جنوبي المدينة بسبب إغلاق الجسر الوحيد الرابط بين جنوب وشمال المدينة “كبري مكة” من قبل الجيش السوداني وبعض الإعتراضات من قوات الدعم السريع.

 

وقال أن مخازن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تم نهبه وتخريبه مما يهدد بوقوع كارثة إنسانية تستدعي تضامن المنظمات الدولية والوطنية لتقديم المساعدات العاجلة لجميع السكان بما في ذلك سكان مخيمات النزوح بأنحاء الولاية.

 

وأوضح أن حوجة المساعدات الإنسانية لسكان الولاية خلال 6 أشهر ستزيد من 30 الف طن إلى أكثر من 40 الف طن بسبب موجة النزوح لبعض سكان القري والمحليات بولايات وسط وغرب دارفور إلى جنوب دارفور.

 

متوقعاً وصول أكثر من 100 الف نازح من وسط وغرب دارفور مما يفاقم من الأزمة الإنسانية للسكان والنازحين بجنوب دارفور.