الفاشر- دارفور24
أجبرت زينب محمد الحسن 32 عام على ترك منزلها بحي الوادي بنيالا عاصمة جنوب دارفور كغيرها من آلاف السكان الذين فروا من جحيم المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالمدينة التي اشتد اوارها في منذ منتصف اغسطس بصورة جعلت البقاء فيها خطراً على الحياة بعد أن سقط مئات القتلى والجرحى من المدنيين جراء المعارك التي تحاول فيها قوات الدعم السريع السيطرة على قيادة الجيش بالمدينة.

 

 

زينب خرجت برفقة أسرتها الى مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور التي تشهد استقراراً نسبياً فوجدت نفسها تعيش في مركز للايواء بمدرسة الرديف الابتدائية للبنات تتشارك السكن في فصل دراسي مع أربع أسر أخرى.

الفارون أغلب من النساء والأطفال
الفارون أغلب من النساء والأطفال

المركز يأوي عشرات الأسر أغلبهم من النساء والأطفال لكنهم يفتقدون للاحتياجات الاساسية، لذلك تتشارك هذه الأسر مراحيض وحمامات محدودة تفتقد لأبسط مقومات الخصوصية الشخصية.

 

 

تقول “زينب” ان أسرتها قررت ترك حي الوادي بعد أن اشتدت المعارك بين الجيش والدعم السريع وصار البقاء وسط نيرانهم مستحيلاً، علاوة على أن مسلحين يطلق عليهم “الكسابة” هم المليشيات المساندة للدعم السريع اقتحموا منزلهم فجراً وأشهروا اسلحتهم في وجوههم وأجبروهم على تسليمهم مقتنياتهم من الذهب والمبالغ المالية.

 

معركة القيادة

شهدت مدينة نيالا خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أغسطس ارتفاعاً في وتيرة المعارك بين الجيش والدعم السريع بعد ان اقتربت الأخيرة من قيادة الفرقة 16 مشاه وهي تحاول السيطرة عليها، لتضمها الى بقية حاميات الجيش في مناطق ام دافوق الحدودية مع افريقيا الوسطى ورهيد البردي وكاس ومرشينج التي سيطرت عليها في يونيو الماضي.

 

قوات الدعم السريع وهي تحاول اكمال سيطرتها على جنوب دارفور قالت مصادر عسكرية انها جلبت الى نيالا قوات وتسليحاً اضافياً يتناسب مع قوة العسكرية لقاعدة الفرقة 16 مشاه التي ظلت عصية طيلة أشهر الحرب منذ ابريل الماضي، وذكرت المصادر لدارفور24 ان الاعداد لمعركة قيادة الفرقة شمل وصول متحركات من عدة مدن وأسلحة نوعية “مدفعيه وصواريخ وطائرات مسيرة”

 

 

هذا التحول الذي اعدته قوات الدعم السريع نقل المعركة الى محيط قيادة الفرقة 16 مشاه، فاستولت على بيت الضيافة ومنزل الوالي ووصلت حتى كبري مكة واستاد نيالا وأحال وسط المدينة وأحياء الجمهورية والسينما والوادي وكرري والوحدة الى أرض معركة الأسلحة الثقيلة الأمر الذي زاد أعداد الضحايا بصورة وصفت بأنها مجاذر بشرية، وأجبرت آلاف السكان على مغادرة منازلهم، وقتل فيها قائد الفرقة 16 مشاه على أيدي أحد عناصر الجيش داخل القيادة

قائد الفرقة 16 اللواء ياسر خضر الذي قتل داخل القيادة
قائد الفرقة 16 اللواء ياسر خضر الذي قتل داخل القيادة
حصر الضحايا

بحسب غرفة طوارئ نيالا فإن المعارك في الفترة 14 الى 20 أغسطس خلفت أكثر من 100 قتيل و500 جريح وهي احصائية أولية غير دقيقة في وقت توقعت فيه أن تكون الأرقام أكبر من ذلك بكثير، لتتجاوز اعداد القتلى 500 قتيل منذ اندلاع الحرب وفقاً لاحصائيات غير رسمية، ولجهة ان هناك صعوبات في عمليات الحصر بسبب توقف المستشفيات وانقطاع شبكات الاتصال بالمدينة.

 

أوضاع كارثية

الحرب التي يقودها الجيش والدعم السريع بمدينة نيالا خلفت اوضاعاً كارثية في كل المناحي حيث أدت الى توقف أغلب المؤسسات الصحية ما عدا المستشفى السوداني التركي جنوبي المدينة، وهو يعمل فقط لاستقبال حالات الجروح الخطرة وأصبحت في الآونة الأخيرة عملية ايصال المصابين إليه الا عبر الحمل على الاكتفال او عربات التي تجرها الدواب نسبة لخطورة تحرك المواطنين بالسيارات.

 

البحث عن نجاة

في ظل هذا الوضع المأساوي إستقبلت مدينة الفاشر خلال الاسبوع الماضي أكثر من 250 أسرة تم ايواءهم في مراكز مؤقتة في كل من مدرسة الرديف بنين وبنات، مدرسة الإسراء، إضافة لمركز مدرسة رفيدة جنوبي المدينة.

 

لكن حتى الفرار من مدينة نيالا أصبح كذلك محفوفاً بالصعوبات والمخاطر، وبحسب عدد من الفارين الى الفاشر قالوا إنهم إستغلوا البصات السفرية من سوق “موقف الجنينة” غربي مدينة نيالا الذي توجد فيه قوة من حركات الكفاح المسلح تعمل على تأمينه وحماية السكان الذين يأتون إليه لاشراء احتياجاتهم المعيشية من النهب الذي تمارسه مجموعات مسلحة، في وقت ارتفعت فيه تكلفة تذاكر السفر من 8 آلاف جنيه عند اندلاع الحرب في ابريل الماضي إلى 75 ألف جنيه، وهو مبلغ لم تتمكن اعداد كبيرة من الأسر من توفيره للفرار من المدينة.

 

 

احصائيات غير دقيقة للفارين

تقول مفوضية العون الإنساني بشمال دارفور أن عشرات الأسر ما زالت عالقة بين مدينتي “نيالا والفاشر” متوقع وصولهم إلى مراكز الإيواء خلال هذا الأسبوع.

 

 

وأكد المفوض عباس يوسف ادم لدارفور24 عدم وجود مسح حقيقي بأعداد الأسر التي وصلت مدينة الفاشر، ووصف أوضاعهم في المراكز بالسيئة لعدم تدخل المنظمات لاغاثتهم حتى الآن.

مفوض العون الانساني بشمال دارفور
مفوض العون الانساني بشمال دارفور

وقال عباس إن النازحين الذين استقبلتهم مراكز الإيواء الآن هم بحاجة ماسة لخدمات المياه والصحة والغذاء، وناشد في الوقت ذاته المنظمات الوطنية والدولية بالتدخل العاجل وتقديم المساعدات لهم.

 

 

واضاف: هنالك أفواج في طريقها إلى الفاشر لذلك نحتاج لتدخلات المنظمات لتهئية البيئة والعمل على إعداد المراكز بصورة جيدة لاستقبالهم.

 

مراكز الايواء

تحدث مراسل دارفور24 مع عدد من النازحات حيث قُلنَ إن المراكز تحتاج لمزيد من الخدمات، خاصة الصحية وتوفير الأدوية والغذاء، وذكرت “سمية عمر محمد” من حي المصانع بنيالا أن المركز الذي استقرت فيه يفتقد لكل شيء حتى مياه الشرب، منوهة الى أن المنظمات لم تقدم لهم أي دعم حتى الآن، وأضافت “ليس لدينا ما نأكله إلا بعض الذي يجود به الخيرون من سكان حي الرديف بالفاشر”.

 

 

“سعدية يونس” من حي الرحمن شرقي نيالا وصفت الوضع الصحي في المركز بالمذري وكشفت عن وجود عدد من النساء الحوامل يفتقدن للرعاية الصحية أو حتى مكان للإستحمام، واضافت: نحتاج لناموسيات وأدوات صحية وبعض من الرعاية الصحية الأولية وتوفير الغذاء للأطفال قبل إصابتهم بسوء التغذية.