وزير سوداني يغرس شجرة في مشروع “الحزام الأخضر”

بعد تفاوض شاق و عسير خلال مؤتمر المناخ في العاصمة
الفرنسية باريس، العام قبل الماضي، توصلت 195 دولة، على أول أتفاق للمناخ والذى
يحدد خطة عمل عالمية لوضع العالم على الطريق الصحيح لتجنب التغير المناخي الخطير
عن طريق الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين.
و وقعت أكثر من 180 بلدا حتى الآن على إتفاق باريس و
قامت 22 دولة بأنهاء إجراءات التصديق المحلية لتصبح أطرافا في الاتفاقية، و
السودان حاليا في طريقه إلى التصديق على اتفاقية باريس.
إلا أن التصديق على الإتفاق وحده لن يخفض من إنبعاث
الغازات وإجراءات التكيف والتمويل. ولكن بنفس القدر من الأهمية هي الخطوات التي
ستتخذها الدول لتلبية الالتزامات التي قطعت في باريس، بدءا من السياسات والأطر
التشريعية والقانونية اللازمة لتطوير خطط وطنية وقوية للحفاظ على المناخ في أطار النهج
الدولي، فضلاً على  التزام الدول الكبرى
بتعهداتها بتوفير التمويل لدول النامية لمواجهة التغيرات المناخية المتسارعة.
شارك، الخميس الماضي، سفراء الاتحاد الأوروبي ودول
آسيا وممثلو منظمات دولية بالخرطوم، على رأسها البنك الدولي وبعض من وزراء الحكومة،
في زراعة الأشجار بمنطقة الريفي الغربي للعاصمة السودانية، ضمن مشروع “الحزام
الأخضر”، الذي أطلقه المجلس الأعلى لترقية البيئة الحضرية بالخرطوم.
وشرع السودان، في أواخر العام الماضي، في زراعة
مشروع “الحزام الأخضر”، حول العاصمة الخرطوم، لمواجهة التغير المناخي.
ويمثل
المشروع حائط الصد الأول لمكافحة التغير المناخي، حيث يخطط المجلس الأعلى للبيئة
السوداني زراعة حزام من الأشجار والغابات حول العاصمة، بطول  285 كيلو متر مربع وعرضه 200 متر ويشغل مساحة
قدرها 13 ألف و571 فدان.
والهدف
من السياج الأخضر زيادة المساحات الخضراء ومنع الزحف الصحراوي وتثبيت الرمال ورفع
الوعي البيئي وتلطيف الجو والتصدي للتغيرات المناخية وحفظ التوازن البيئي تلطيف
الجو وتخفيض درجات الحرارة.
وعرضت
ولاية الخرطوم، في مؤتمر البيئة الأول بالعاصمة العام الماضي، مخطط تمويل مشروع
الحزام الأخضر.
وأكد
وزير البيئة أن هناك منافذ عديدة تتيح لمشروع الحزام الشجري الأخضر أن يتحصل على
تمويل لإنشائه.
وأشار
إلى  أن مشروع الحزام الأخضر يستطيع أن يجد
التمويل اللازم له من خلال نافذتين مهمتين هما نافذة مشروعات التكيف مع المتغيرات
المناخية والأخرى مشروعات التخفيف من آثار وأضرار الانبعاثات الناتجة عن ثاني
أكسيد الكربون والذي تقدمه الدول الصناعية الكبرى المسببة لهذه الانبعاثات.
ويأمل
السودان، إن يجد التمويل اللازم من الصناديق الدولية و الأقليمية لتنفيذ المشروع،
خاصة أن مشروع الحزام الشجري للخرطوم يحقق سلامة بيئية ويخفف من إنبعاثات غاز الكربون
وهو سوق كبير يستطيع السودان أن ينافس فيها بتنفيذه لمشروع الحزام الأخضر وسيجد
مقابل كل شجرة يغرسه عائدا ماديا لا بأس به.
ووصف السفير الإتحاد الأوربي بالخرطوم في حديثة
للصحفيين أثناء الزيارة مشروع الحزام الأخضر بالمهم، وأضاف قائلاً ” إن
المشروع ليس لزراعة الأشجار وإنما مشروع متكامل”.
و أعلن رئيس المجلس الأعلى لترقية البيئة عمر نمر،
أن المشروع يستهدف زراعة 20 مليون شجرة في منطقة الحزام الأخضر، حتى نهاية العام
2020، مبيناً أن العام 2017 سيشهد زراعة ستة ملايين شجره بنسب 60% أشجار
مثمرة و
40 %مصدات رياح واشجار غابيه يستفيد منه 400 ألف
مواطن، علماً أن الاستفادة الكليه للمشروع تصل إلى مليون نسمة.
وتقع
العاصمة السودانية الخرطوم في المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي. وحتى سنوات الستينات
من القرن الماضي كانت الولاية تتميز بكثافة شجرية عالية. ولاسباب كثيرة منها تزايد
عدد سكانها اختفت أغلب هذه الاشجار والمساحات الغابية وتسببت في بروز تغيرات
مناخية واضحة الأثر السيء منها تذبذب معدلات الامطار وزيادة معدل الزحف الصحراوي
وارتفاع درجة الحرارة.
أن التصديق على الاتفاق وحده لن يخفض من انبعاث
الغازات وإجراءات التكيف والتمويل. ولكن بنفس القدر من الأهمية هي الخطوات التي
ستتخذها الدول لتلبية الالتزامات التي قطعت في باريس، بدءا من السياسات والأطر
التشريعية اللازمة لتطوير خطط وطنية وقوية للحفاظ على المناخ في اطار النهج
الدولي.
ويعتبر 
الإتحاد الأوربي من الممولين الرئيسين للسودان منذ فترة طويلة  للمشاريع التي تدل على أهمية بناء القدرات في
مجالات مكافحة تغير المناخ.
وقال سفير الأتحاد الأوربي في الخرطوم جان ميشيل دوموند إن هناك أموال مخصصة للتكيف مع التغيرات المناخية،
حيث التزامت بلدان الاتحاد بمساعدة شركائهم الأكثر هشاشة من أجل مواجهة انعكاسات
التغيرات المناخية.
و أضاف قائلاً  “أكدت المفوضية الأوروبية  خلال مؤتمر المناخ  الأخير  مساهمة ألمانيا ب 40 مليون دولار والمفوضية
الأوروبية ب 20 مليون دولار لدعم مبادرة (إنسوريزيلنس)” وهي مبادرة أطلقتها
مجموعة السبعة والتي تهدف إلى تعزيز الدخول إلى التأمين المباشر أو الغير مباشر ضد
تداعيات التغيرات المناخية.
وتمثل مسألة تمويل مكافحة تغيّر المناخ إحدى العقبات
الرئيسية، في مواجهة التغير المناخي، حيث تنتظر الدول النامية الاكثر تضررا من
التغيرات المناخية، أموال  الصندوق الأخضر
الذي بلغ رأس ماله الأولي 9,3 مليار دولار، لإدارة معركتها مع
الطبيعة و التحولات  المناخية.
ويدعم الإتحاد الأوربي  مشروع وادى الكوع للمياه في شمال دارفور، الذي
يعتبر نموذج للمشاريع الناجحه حيث تتفاعل المؤسسات والمجتمعات بشكل منتظم لتنفيذ
قرارات مستنيرة للحفاظ على الموارد الطبيعية والتي تواجه مخاطر مثل المياه، كما أن
هذا المشروع يعطي الأولوية لدور المرأة في تعزيز الحفاظ على البيئة وتوفير سبل
العيش الكريم.
و أثبت الطقس المتقلب في الآونة الاخيرة عواقب وخيمة
على السودان. فظاهرة النينيو ادت الى جفاف العام الماضي تأثر منه بشكل مباشر 1.2
مليون شخص وتبع الجفاف امطار وفيضانات غزيرة في بعض المناطق نفسها. منذ 2015.
و خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ خمسمائة وتسع مليون
يورو لدعم كل الدول في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية الأكثر تضررا من أزمة
الأمن الغذائي الناجمة عن ظاهرة النينيو. و تم تخصيص ثلاثين مليون يورو منها لدعم
العمل الانساني في السودان والذى وفر المساعدات الغذائية للمتضررين.
وأكد الاتحاد الأوروبي أنه ملتزم بدعم السودان وغيره
من الدول التي يمكن ان تتعرض لتغيرات في المناخ.
كما أن الاتحاد  تعهد بالمساعدة في تطوير الخطط المناخية الوطنية
المحلية وخطط تحقيق الانتقال إلى اقتصادات تكافح تغير المناخ وتخفض من انبعاثات
غاز الكربون.
 و خصص
الاتحاد الأوروبي في ميزانيته مبالغ مقدرة لدعم الدول بقيمة ثمانية مليون ونصف
يورو في تطوير مبادرات صمود المجتمعات المحلية تجاه تغير المناخ، فضلا عن تحسين
قدرة السلطات المحلية والجهات المعنية لمنع ومعالجة تغير المناخ بطريقة مستدامة.
و تهدف هذه المخصصات الى استفادة المجتمعات الريفية
والمناطق النائية التي تتميز بارتفاع معدلات التدهور البيئي بما في ذلك التصحر
وتدهور الأراضي والجفاف، إلى جانب انخفاض التنمية البشرية والمؤشرات الاقتصادية
والاجتماعية فيها.
و تدرس فرنسا تعزيز المساعدات التنموية الرامية إلى
التركيز على تغير المناخ ، حيث طورت فرنسا علاقة وثيقة جدا مع جميع الجهات ذات
المصلحة بتغير المناخ في السودان خلال فترة الاعداد لمؤتمر باريس.
 و تساهم
باريس بالفعل في مشروع تنفيذ تدابير التكيف مع تغير المناخ لبناء قدرة المزارعين
والمجتمعات الرعوية”. المشروع ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ولاية
القضارف شرق السودان.
اما المانيا، فهناك مشروع ثلاثي بين السودان ومنظمة
الايقاد ووزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الاتحادية الالمانية. حيث تقوم منظمة GIZ الالمانية بتحديد
مناطق في كسلا والقضارف لبناء مدرجات مياه للحد من تدهور الأراضي الزراعية. وتعمل
المنظمة مع المجتمعات المحلية لزيادة قدرتهم على التأقلم مع تداعيات تغير المناخ
من خلال إدارة موارد المياه الشحيحة بكفاءة أكبر.