الخرطوم: بحري: أمدرمان: خالد فتحي

تقاسمت أحياء الخرطوم بينها المزاد وشمبات والشجرة الحماداب ومدن السودان بينها الفاشر وغبيش والنهود مواكب الثورة السودانية المنادية برحيل النظام، وسميت مواكب اليوم الخميس بـ”مواكب الحياة للأطفال” حيث خرجت جموع المتظاهرين الهادرة في تمام الساعة الواحدة ظهرا بتوقيت الخرطوم؛ استجابةً لنداء “تجمع المهنيين السودانيين” و”قوى إعلان الحرية والتغيير” وقد استقبلت قوات الأمن والشرطة المتظاهرين السلميين بالقمع الوحشي؛ مما تسبب في وقوع إصابات متفاوتة، استدعت نقل بعضهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج.

واسْتَبْدَلَ تجمع المهنيين، مواقيت مواكب الخرطوم من الواحدة ظهراً، إلى الثالثة والرابعة عصراً، لتفادي ارتفاع حرارة الطقس.

وخرج المتظاهرون اليوم في عدد من ولايات السودان، ففي ولاية شمال كردفان خرجت الأبيض وغبيش والنهود، وكذلك مدني والمناقل والحلاوين بولاية الجزيرة، كما عمّت المظاهرات مدنا مختلفة كالفاشر بولاية شمال دارفور، والدويم بولاية النيل الأبيض، وسنار، وجبال النوبة في جنوب كردفان.. وصدحت الجموع في كل السودان بالنشيد الوطني الذي أعقبته عاصفة من التصفيق والزغاريد قبل أن يدوي الهتاف عاليا “حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب”..”لن نذل ولن نهان ولا بنخاف من البمبان”.

أما في الخرطوم بحري فقد أظهر المحتجون في حي المزاد بسالة ستسطر في تاريخ نضالات الشعوب بأحرف من نور، حيث وقفت جموع المتظاهرين على بعد أمتار قليلة من قوات شرطة العمليات التي ارتكزت بالقرب من مبنى المطافئ بالمزاد، وسد المتظاهرون الطرقات الداخلية لحي المزاد بشكل كامل وباحترافية عالية نالت إعجاب المتظاهرين من الأحياء الأخرى، مما حداهم للقول بأنّ “مواطني المزاد ترسو الشوارع زي ما قال الكتاب بالضبط “..

وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المُسيّل للدموع لتفريق المتظاهرين؛ الذين ردوا بدورهم بحصب الشرطة بالحجارة. واستمرت عمليات الكر والفر والمطاردة ساعات عدة، وتجددت التظاهرات مرة أخرى بعد غروب شمس اليوم وسط زغاريد الأمهات والأخوات والهتاف، وأغلق المتظاهرون الشارع الرئيس، وحيّا أصحاب السيّارات المتظاهرين بإطلاق الأبواق المنغمة..

وفي الختمية والشعبية وشمبات الحلة أضرم المتظاهرون النار في إطارات السيارات وسدّوا الشوارع الداخلية بالحجارة والأشجار وجذوع النخل. وأصيبت والدة الشهيد هزاع بعبوة بمبان بعدما حاولت دورية شرطة إجبارها على الدخول إلى المنزل وسط رفضها الشديد، فعاقبتها القوات الأمنية دون أدنى رحمة بإطلاق عبوة “بمبان” عليها، مما تسبب في إصابتها ببطنها، ونقلت إثر ذلك إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وفي أمدرمان القديمة حاولت قوات الأمن التوغل داخل حي القلعة العريق، وأطلقت قنابل الغاز المسيّل للدموع بغزارة.. وتمركزت القوات أيضا قرب حي الركابية بأمدرمان. كما امتلأت شوارع أمدرمان بالشعارات الثورية اللافتة؛ والمطالبة برحيل النظام، وصلت تلك الشعارات حتى للأماكن التي ترتكز فيها قوات الأمن.

في حين تمركزت آليات شرطة العمليات في مداخل شارع الدومة وود البصير بودنوباوي، وأضرم المتظاهرون النار في إطارات العربات قرب مباني كلية التربية بشارع الوداي على مقربة من قسم شرطة أمدرمان شمال.

وتسبب عنف الشرطة والأمن وإطلاق قنابل الغاز المُسيّل للدموع والقنابل الصوتية عشوائيا في بتر أصابع يد أحد المواطنين، ونقل إثر ذلك إلى المستشفى؛ حيث خضع لعملية جراحية عاجلة.

وفي شارع الثورة بالنص أضرم المتظاهرون أيضا النيران في إطارات السيارات في الشارع الفاصل بين الحارتين الرابعة والخامسة.

أما في الصحافة بالخرطوم فقد تحرك الموكب وسط الزغاريد والهتاف، وفي توقيت متزامن تحرك معه موكبان في كل من العُشرة وجبرة جنوبي الخرطوم؛ وفي تكرار مشابه لسيناريو الأسابيع الماضية التحمت المواكب الثلاثة بالشارع الرئيسي.

وفي بري أحد معاقل الثورة السودانية الباسلة فرضت قوات الأمن والشرطة حصارًا وحشيًا على مداخل الحي قبل أن تبدأ في إزالة المتاريس ومن ثمّ التوغل عبر الشوارع الداخلية، مصحوبا بإطلاق قنابل الغاز المُسيّل للدموع بكثافة، الأمر الذي تسبب في إصابة أحد المواطنين بإصابة مباشرة في الوجه سالت الدماء على إثرها بغزارة؛ إلا أنّ الجرح البليغ لم يزحزح ثبات المواطن الشجاع وصموده؛ ففي بسالة نادرة والدماء تنزف منه بغزارة استمر المواطن في الهتاف “تسقط بس” ..”يا نعيش رجال يا نموت أحرار”.. رافعا أصابع يده عالية بشارة النصر.

وفي لفتة رائعة حيّا ثوّار بري إخوتهم ثوّار الجزائر الذين انتصروا على الطاغية بوتفليقة، ورفع الثوار علم الجزائر بجانب العلم السوداني في تظاهرة طافت شوارع بري .

وفي أمبدة كذلك خرجت تظاهرة حاشدة، انطلقت من السوق الشعبي لحارات أمبدة في حركة مباغتة لقوات الأمن والشرطة.. ورفع المتظاهرون لافتات كُتبت باللغتين العربية والإنجليزية.

كما خرجت تظاهرات حاشدة في الكلاكلة والمعمورة والجريف غرب والشجرة الحماداب؛ تغنت بأهازيج “تسقط بس”..