الخرطوم- دارفور24
أنضمّ سيف الدين عبد العال عثمان “21 عاماً” الأربعاء إلى شهداء ثورة ديسمبر المجيدة، إثر معاناة طويلة ناجمة عن إصابة بعبوة غاز في الرأس أثناء مواكب 30 يونيو، بولاية القضارف، ووري الثرى اليوم بقرية “غبيشة” بالقضارف.
وأكد رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، مطلع أكتوبر الماضي، التزام حكومته بالقصاص لـ«شهداء الثورة»، وتقديم المتورطين في زهق أرواحهم إلى محاكمة عدالة، مشيداً بالشباب الذين قادوا ثورة ديسمبر المجيدة، وقدموا للعالم نموذج للثورات السلمية، مترحما على جميع شهداء الثورة.
وكانت اللجنة التمهيدية لأسر شهداء، قد ذكرت مطلع أغسطس المنصرم، أن عدد شهداء ثورة ديسمبر، وصل 267 بمن فيهم شهداء مجزرة الأبيض.
وأعلن تجمع المهنيين السودانيين، أبرز مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير والإطار الجماع للقوى المنظمة للاحتجاجات، في الثامن من 8 أغسطس الماضي، العثور على 40 مفقودا منذ فض الاعتصام في مستشفيات ومشارح مختلفة،
وأعلن التجمع، في يوليو الماضي، عن حدوث إخفاء قسري لمئات المواطنين، في أعقاب فض الاعتصام.
وكانت وزارة الصحة، قد أعلنت مقتل 61 شخصا خلال عملية فض الاعتصام، فيما قدرت قوى التغيير عددهم بـ 128 شخصا.
يُذكر أن ثورة ديسمبر 2018 رفعت عدة شعارات تطالب ببسط الحرية وتحقيق السلام والعدالة، وتبنت الجماهير العديد من الشعارات التي تنادي باحترام حقوق وكرامة الإنسان السوداني، غير أن أبرز الشعارات التي ظهرت في هذه الثورة العظيمة تمثل في المطالبة باستعادة (مدنية الدولة) بعد ثلاثة عقود من حكم العسكر المتلفحين برداء الدين.
وبعد ثلاثة عقود نجحت ثورة ديسمبر في إزاحة رأس النظام عبر حراك شعبي سلمي واسع انتظم أرجاء البلاد، حتى ظهرت على الخارطة الجغرافية أسماء بلدات وقرى ما كان يسمع بها سوى أهلها ومن جاورهم.
وميّزت هذه الثورة معطيات كثيرة جعلتها مختلفة عن أكبر ثورتين عرفهما السودان في تاريخه الحديث (21 أكتوبر 1964 و6 أبريل 1985)، لعل من أبرزها طول أمد هذا الحراك الذي اندلعت شرارته الأولى في 13 ديسمبر 2018.
وهناك ملمح آخر لهذه الثورة يتمثّل في الحضور الفاعل للمرأة إذ قُدِّر بنحو 60% من مجموع المشاركين، يليها قطاع الشباب الذي ولد وترعرع في عهد الإنقاذ، وهو ما فاجأ النظام نفسه الذي كان يعتبرهم من رصيده الجماهيري، قبل أن يفاجئ الأحزاب السياسية والحركات المسلحة العتيقة.
وما اُعتبر نجاحا للثورة حتى قبل اكتمالها ومعرفة مآلاتها، هو ذوبان الفوارق الطبقية والاجتماعية والعرقية الذي تجسد في التلاحم الوطني الفريد طوال فترة ما عرف باعتصام القيادة العامة للجيش ، والذي استمر من 6 أبريل حتى لحظة فضه الدموية فجر 3 يونيو (آخر يوم من رمضان)
وخلال هذا الاعتصام، تمت الإطاحة بالرئيس المشير عمر البشير في 11 أبريل، ثم بعده بـ24 ساعة تم عزل الفريق أول عوض بن عوف الذي عينه المجلس العسكري الانتقالي رئيسا للمجلس على قمة السلطة.
وظاهرة أخرى جديرة بالملاحظة خلال الثورة السودانية، وهي غياب ـ أو ربما اختفاء ـ الجيش السوداني، لا سيما بعد الاعتصام في 6 أبريل، وبروز قوات الدعم السريع بقيادة زعيمها محمد حمدان حميدتي، الذي تجاوز كل قيادات الجيش الرسمي وبات يتصدر المشهد السوداني بشقيه العسكري والسياسي.
وما زالت الثورة السودانية تتلمس طريقها بين إصرار قوى التغيير على تركيز حكم مدني ديمقراطي يستند إلى الإرادة الشعبية التي تجسدت خلال الثورة، وبين المجلس العسكري الذي يسعى للهيمنة على مفاصل السلطة أو تقاسمها.