نيالا- دارفور24
اشتعلت أروقة جامعة نيالا بجنوب دارفور هذا الاسبوع بصراعات وضعت المسيرة الاكاديمية للجامعة على المحك، فبدون سابق انذار تفجر الصراع الذي ظل مكتوماً في اطاره المؤسسي الى سوح الاعلام عقب الاجتماع السابع لمجلس ادارة الجامعة الذي يرأسه دكتور محمد عبد الله شريف.
الاجتماع المذكور خرج ببيان اعلن فيه قرارات وصفها بالجراحة العميقة والدقيقة التي تزيل- تدريجياً- المشاكل الادارية بالجامعة، ومن ابرز هذه القرارات سحب الثقة عن مدير الجامعة، والتوصية باعفائه، وإلغاء عدد من قراراته السابقة.
الصراع الذي بدى بين رئيس مجلس الإدارة من جهة ومدير الجامعة من جهة أخرى وجد اصطفاف من عدة اجسام في الجامعة، فتجمع المهنيين بالجامعة ضم صوته لرئيس مجلس الجامعة وأعلن تأييده لقرارات الاجتماع السابع، بينما اتخذ تجمع اساتذة الجامعة الاحرار “تاجنا” منحى ثالث أوصى فيه بسحب الثقة من رئيس مجلس الأدارة ومدير الجامعة لفشلهما في ادارة الصراع، بينما وأدان في الوقت ذاته ما وصفه بتخبط تجمع المهنيين بالجامعة وفشله في ادارة هذه الأزمة بالطرق السلمية.
حرب البيانات
تحول صراع الأطراف في الجامعة الى سوح الاعلام، وكلٌ طفق يصدر بياناً يحاول فيه أن يقضي على الآخر، فعقب البيان الأول لمجلس الجامعة الذي سحب بموجبه الثقة عن المدير، كتب الأخير رسالة الى صديقه وزميله في الدراسة بجامعة الخرطوم رئيس مجلس الإدارة دكتور محمد عبدالله شريف يذكره فيها بأيام النضال التي كانوا وقتها يحملون صفة ناشطين، لكنهم اليوم بفضل ثورة ديسمبر اصبحوا في موقع المسئولية وعليهم ان يديروا مثل هذه الازمات بصورة تليق بمواقع المسئولية التي يتحملونها.
 وأردف مخاطباً رئيس مجلس الجامعة “أوكد لك ان الجامعات ومؤسسات الدولة لا تدار عبر الفيسبوك وأن لقراراتها ومقراراتها محافظ، وبصرف النظر عن ملابسات عقد اجتماع مجلس الجامعة المزعوم فان ما توصلتم إليه من قرارات- لم تك من اختصاص مجلسكم- أكد لي تماماً أنكم لا زلتم في محطة الروابط والجمعيات، حيث يتم تداول مثل هذه العبارات “سحب الثقة” وحتى في الروابط لسحب الثقة عن أحد يتم اعلانه للاجتماع، وكأنكم نسيتم ذلك أو لم تتعلموه من أيام مدرسة نيالا الثانوية، فدعيتم لاجتماع بجندٍ واحد هو “أسباب الخلاف وعدم الانسجام والتناغم بين المدير ورئيس المجلس” والذي لا يمكن ان يناقش في اجتماع رسمي مما دعاني للاعتذار عن حضوره”
وأضاف: قراركم بسحب الثقة هذا سيدي الرئيس ليكون نافذاً سيمر عبر قنوات اختصاص وهي معالي رئيس المجلس القومي لتعليم العالي والبحث العلمي ورئيس الوزراء.
اما تجمع المهنيين فقد برز مناصراً رئيس مجلس الجامعة ومؤيداً لقرار سحب الثقة عن مدير الجامعة، وقال ان للقرار عدة اسباب منها عدم تجاوب مدير الجامعة مع مساعي حل مشاكل كلية الطب التي تتعلق بالاساتذة الزائرين، وما يتعلق بتنفيذ الجوانب الاكاديمية الأساسية التطبيقية في كلية الهندسة، والتهديد باغلاق الكليتين، ومخالفته قانون الجامعة برفضه قيام اجتماع مجلس الجامعة المعلن له مسبقاً بتاريخ 5\8\2021م، وخروجه غير المبرر من اجتماعي مجلس العمداء واللجنة التنفيذية لمجلس الجامعة.
فيما جاء بيان تجمع اساتذة جامعة نيالا الأحرار “تاجنا” محملاً تجمع المهنيين مسئولية ما يجري في الجامعة، وقال ان هناك من يحيك مؤامرات ضد الجامعة لنسف استقرارها، وذكر أنه سعى لمعالجة المشكلة بالجلوس ثلاث مرات مع اطراف الصراع بغرض تقريب وجهات النظر بينهم، الا أن محاولاته باءت بالفشل بسبب تعنت الطرفين وتَدخُل تجمع المهنيين وانحيازه لرئيس مجلس الجامعة.
 وأعلن تجمع الاساتذة رفضه ما وصفها بحرب البيانات الاسفيرية والاعلامية بين مدير الجامعة رئيس مجلس الإدارة، وأوصى تجمع الاساتذة بسحب الثقة الكاملة عن مدير الجامعة ورئيس مجلس الإدارة لفشلهما في ادارة هذه الأزمة، وأن يتولى نائب المدير ادارة الجامعة.
تصريحات لدارفور24
رئيس مجلس إدارة نيالا دكتور مهندس “محمد عبدالله شريف” رفض- في حديث لدارفور24- وصف ما يجري في الجامعة بالصراع، وقال ان ما يحدث هو تطبيق للقانون واللوائح، وقرار اتخذه مجلس الجامعة بحضور نحو 24 عضواً في اجتماع رسمي وبمحضر وتوقيعات الحضور.
وأضاف “ذهاب المدير الحالي أفضل من أن يحدث انهيار إداري، حال وقوع اضراب شامل في الجامعة بسبب اخطاء ارتكبها المدير” وذكر أن نتيجة لهذه المعوقات لم يدرس الطلاب محاضرة واحدة منذ بداية اغسطس الماضي.
 وأوضح شريف أن الخلافات بدأت بين مدير الجامعة وكليتي الطب والهندسة عندما هدد مدير الجامعة في تصريح انه سيغلق الكليتين، ثم اتخذ قرارات باعفاء عمداء كليات بسبب مخالفتهم له في الرأي دون الرجوع لمجلس ادارة الجامعة، وأضاف: في هذا الاعفاء خالف المدير نص المادة 22 من قانون جامعة نيالا التي تنص على ان تعيين واقالة العمداء وشاعلي المواقع الادارية الكبرى في الجامعة حق لرئيس مجلس الجامعة بتوصية من المدير وليس من سلطات المدير، ويبرر شريف قانونية قرار سحب الثقة بحضور المستشار القانوني للجامعة في الاجتماع، لجهة أنه يفهم قانونية الفعل من عدمها.
واتصلت دارفور24 على مدير الجامعة دكتور محمود ادم داؤد لمعرفة وجهة نظره حول يدور في الجامعة الا انه رفض التعليق واكتفى بقوله “انا مهدئ اللعب”  في اشارة الي عدم رغبته في التصعيد وتناول القضية في الاعلام.
ويقول مجلس ادارة جامعة نيالا انه اتخذ قراره بسحب الثقة عن مدير الجامعة في اجتماعٍ طارئ بتاريخ 14 سبتمبر الجاري باجماع عمداء الكليات، والاستماع لشخصيات ذات صلة بالموضوع منهم عميدا كليتي الهندسة والاقتصاد وبعد استشارة المستشار القانوني للجامعة.
رأي قانوني
يقول الخبير القانوني ونائب مدير جامعة الضعين دكتور “الصادق عبدالله ادم” ان ما يجرى في جامعة نيالا هو تداخل اختصاصات بين السلطة التنفيذية للجامعة التي يمثلها المدير والسلطة الاشرافية هي مجلس الجامعة، وأوضح أنه وفقاً لقانون جامعة نيالا فان هنالك فصل تام بين سلطات رئيس المجلس ومدير الجامعة، حيث ينحصر دور المجلس في الاشراف والمتابعة، وحشد الدعم للجامعة، واجازة النظم الاساسية، وترشيح شخص مؤهل لوزارة التعليم العالي لتعيينه في منصب المدير، بينما تنحصر سلطات المدير داخل الجامعة في الجوانب المالية والادارية.
ويرى دكتور الصادق ان قرار سحب الثقة عن مدير جامعة نيالا غير قانوني بغض النظر عن ممارسات المدير لجهة أن تعيين مديري الجامعات يُحَدد بالآجال أربع سنوات مثلاً، بينما لم يكمل هذا المدير مدته القانونية بنص قرار التعيين، وأضاف “لكن اذا رآى المجلس ضرورة اعفائه لأي اسباب، عليه أن يرفع توصية لوزارة التعليم العالي، أما الاعفاء فهو حق خاص لرئيس الوزراء بتوصية من وزارة التعليم العالي”
وأعاب دكتور الصادق على مدير جامعة نيالا قرارته التي قضت باعفاء عمداء بعض الكليات، فمن ناحية قانونية تعيين العمداء واعفائهم يتم بتوصية من المدير لرئيس مجلس الجامعة فهو من يعين شاغلي المناصب العليا في الجامعة، ويحق لمدير الجامعة تعيين عمداء كليات في الجامعة في حالة واحدة وهي عند تفويض رئيس المجلس جميع سلطاته لمدير الجامعة.