أسوان- دارفور24

أمام البوابة الرئيسية لموقف “كركر” بأسوان المزدحم بمناديب شركات النقل المتنوعة، تقف “عائشة” حاملة طفلتها ذات الخمس أشهر في يدها اليمنى، بينما تكاد حقيبة ممتلئة تسقط من يدها اليسرى وملامح الإعياء تُغطي وجهها، تُحاول عائشة جاهدة إقناع أحدهم تخفيض سعر تذكرة العودة إلى السودان فعددهم ليس بالقليل ولا يعلم بحالهم سوى الله- قالتها دُون أن تترك أيّ تأثير لديه- ما دفعها لمغادرته والبحث عن أخر أقل تكلفة.

 

 

 

 قرار خاطئ

عائشة أم لستة أطفال أنجبت أصغرهم في مصر غادرت منزلها بمدينة بحري خواتيم أبريل الماضي بعد أن أشتدت المعارك بين الجيش السًّوداني و قوات الدعم السريع، وتوجهت بمعية أُسرتها ووالدتها الطاعنة في السن إلى مدينة “بربر” بولاية نهر النيل ومنها إلى العاصمة المصرية القاهرة.

 

 

قالت لدارفور24: اقترب موعد إنجاب طفلي وخشيتُ من فقدانه نسبةً لإغلاق عدد كبير من المستشفيات فقررتُ المغادرة إلى مصر.

 

 

تصف عائشة قرارها بالخاطئ وغير المدروس مرده وفق تبريرها حالة الفزع التي سيطرت عليهم بسبب توالي الاشتباكات العنيفة بالمنطقة وتابعت: لم ندرس وضع زوجي المالي جيدًا، وأن ما نملكه من مدخرات لن يُغطي تكاليف الإيجار والمعيشة والعلاج أيضًا، نحن الآن ليس بحوزتنا سوى مبلغ أخشى إنه لن يكفي لشراء تذاكر العودة إلى السودان.

 

 

 

أزمة اقتصادية وغلاء المعيشة

اصطدم عشرات السُّودانيين الفارين إلى مصر بداية اشتعال الصراع في الخرطوم بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها مصر، مصحوبةً بارتفاع جنوني في أسعار ايجار الشقق السكنية وصل بعضها إلى 65 ألف جنيه مصري ما يعادل 500$ شهريًا في الأحياء الراقية، و ما بين 15 إلى 20 ألف في الأحياء الشعبية قُرابة 200 $ ما أجبر بعضهم البقاء كمجموعات داخل “الشقة” الواحدة وهذا ما يرفضه المالك مطالبًا بالإخلاء.

 

 

يقول أبكّر أدم صاحب مكتب شحن في فيصل- أحد الأحياء الشعبية بمحافظة الجيزة ويقطنه عدد كبير من السُّودانيين- لدارفور24 إنّ شهر أغسطس الجاري يشهد تزايداً كبيراً في أعداد الراغبين في العودة رغم الأخبار المتواترة عن استمرار الحرب ووعورة الطريق وانعدام الخدمات الأساسية.

 

وزاد “الناس مرهقة للغاية ولا يملكون قوت يومهم، وفشلوا في الحصول على عمل أو أن ما تتقاضونه ضئيلًا لا يسد جوع، فقرروا العودة إلى السودان”

 

العودة أفضل من التشرد !

 

ما بين غلاء المعيشة وارتفاع تكلفة الإيجار وجد عشرات السُّودانيين أنفسهم أمام قرار لا مفر مِنه. تقول هبة النور إن عجز الشركة حيث تعمل عن تسديد مستحقاتها المالية جعلها عاجزة عن الايفاء بمستلزماتها بما فيها إيجار السكن ما دفع مالكها إلى طردهم دون تردد. وأضافت: طلبتُ منه إمهالي بعض الوقت لتدبير المبلغ لكنه هددني بالشرطة إن لم أخرج خلال 24 ساعة.

 

 

 

عادت هبة وأطفالها إلى منزلها بمحلية شرق النيل رغم علمها بانتشار قوات الدعم السريع في المنطقة وتزايد حِدة الاشتباكات بين الطرفين، بيد أنها ترى أن العودة إلى السودان أفضل من التشرد في شوارع مصر.

 

 

 

تزايد اعداد العائدين إلى السودان

لا تُوجد إحصائية محددة لعدد العائدين من مصر إلى السُّودان بسبب انتهاء مدخراتهم المالية، لكن عمر التوم سائق باص سفري يكشف في حديثه لدارفور24 عن تزايد اعداد المغادرين سيما خلال شهري يوليو وأغسطس الجاري.

 

ويتابع: معظم العائدين أُسر مكونة من النساء والأطفال وكبار السن، أحيانًا يعجز بعضهم عن تسديد قيمة التذكرة كاملة فنقوم بتمريرهم تقديرًا للظرف الإنساني.