الخرطوم- دارفور24

“عشان ام قرون بركب الحديد بكسي” هذه الكلمات من مقطع لاغنية شعبية من تراث احدي القبائل العربية غربي السودان، بسبب هذا المقطع الذي انتشر بصورة اوسع مع اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في 15 ابريل 2023 فإن أعداد من المسلحين المدنيين المساندين لقوات الدعم السريع في حربها مع القوات المسلحة في العاصمة وبعض الولايات قد استولوا على سيارات أو نهبوها من المواطنين أو المؤسسات الحكومية أو المنظمات الانسانية- بحسب افادات حصلت عليها دارفور24-

 

 

 

في بيان للشرطة السودانية قالت إن عدد السيارات التي سرقت من العاصمة الخرطوم وحدها يبلغ “153572” سيارة، بينما يرى ضابط في شرطة المرور- فضل حجب اسمه- ان الرقم ضئيل مقارنة مع عدد السيارات المفقودة، منوهاً الى أن الشرطة ربما اعتمدت في بيانها على البلاغات التي وصلت اليها، وقال إن هنالك مئات السيارات سرقت ولم يتمكن اصحابها من تدوين بلاغات أما بسبب عدم وجود نقاط شرطة في منطقة الاختصاص أو لغياب أصحاب السيارات.

 

 

 

وامتلأت طرقات مدن وأرياف دارفور وكردفان بآلاف السيارات المنهوبة من مناطق الحرب، وتكاد مدينة الضعين تستحوذ على نصف السيارات القادمة من الخرطوم ومن بين هذه، ظهرت سيارات لمشاهير في بعض مدن دارفور.

 

 

يقول صاحب ورشة صيانة في مدينة الضعين “فضل سعيد” لدارفور24 انه وجد في عربة ذبون مستندات رسمية لسيارة باسم القيادية بحزب سياسي كبير، كما ظهرت عربة باسم أحد مستشاري قائد قوات الدعم السريع في مدينة الجنينة، بينما أبلغ الصحفي بقناة الجزيرة عبدالباقي الظافر دارفور24 بأن لديه عربتان احداهما “تايوتا بوكس” موديل 2022 سرقتا احداهما من منزل أسرته في المعمورة والأخرى من حي الرياض بالخرطوم، وفي أواخر مايو الماضي نشر ناشطون مقطع فيديو يظهر مجموعة مسلحين يرتدون زي الدعم السريع في أحد أحياء الخرطوم وهم يجبرون سيدة على تسليمهم مفتاح سيارتها، ومن ثم غادروا بها رغم توسلاتها المتكررة.

 

 

لم تسلم سيارات آل دقلو

تُبرء قوات الدعم السريع نفسها عمليات سرقة السيارات وتقول انها ليست لها علاقة بهذه الظاهرة، وتستدل بأن السرقات طالت حتى بيت قائدها الثاني “عبدالرحيم دقلو” في كافوري، اضافة الى سرقة نحو “ألف” سيارة من حوش السيارات بمعسكر طيبة، فضلاً عن نهب جميع سيارات شركة “الجنيد” التابعة لآل دقلو.

 

رفض مجتمعي

المجتمع في ولايات دارفور قابل ظاهرة سرقة ونهب السيارات بالرفض والاستهجان، وأطلق على السيارات المسروقة اسم “شملان” وهو نوع من السجائر رخيص الثمن مستورد من دولة مجاورة، بينما رفضت بعض الأسر لابنائها دخول منازلها بهذه السيارات، بل رصدت دارفور24 أن شخصاً من منطقة عسلاية غربي مدينة الضعين عاصمة شرق دارفور قد اتصل بمالك سيارة برقم هاتف عثر عليه ضمن الأوراق الثبوتية للعربة وطلب منه ارسال شخص لاستعادة سيارته التي نهبها ابنه، بينما رد عليه مالك السيارة بأنه في بورتسودان ولا يستطيع العودة، ولكن طلب منه أن تظل العربة تحت تصرفه ان عاد استلمها وان لم يعد فهي ملكه.

 

 

ونقل مراسل دارفور24 انه شهد واقعة رفض امرأة طاعنة في السن ان تستغل عربة من العربات المسروقة في طريق “الفردوس-الضعين” حيث ظلت تسأل قبل دفع قيمة التذكرة، هل العربة من منهوبة من الخرطوم أم موجودة قبل الحرب..؟ وعند الاستفسار ردت العجوز بانها لن تركب بمالها الحلال في عربة مسروقة، وهذا المال ينبغي يدفع لصاحب العربة لا للسارق.

 

سوق السيارات

لم تجد السيارات المنهوبة سوقاً رائجاً بدارفور وقال أحد سماسرة سوق العربات غير المقننة “البوكو” ان الإقبال على شراء السيارات المنهوبة ضعيف خوفاً من الملاحقة حال استقرار الأوضاع الأمنية، وأوضح لدارفور24 بأن أغلب هذه السيارات يتم بيعها خارج السوق وبأسعار زهيدة، وضرب مثلاً بأن عربة “بوكسي” التي سعرها 30 مليون جنيه سوداني 39 ألف دولار تقريباً تباع بنحو 7 مليون ما يساوي 9 ألف دولار، بينما يتم بيع بعض السيارات “بوكو” في دولة جنوب السودان لمواطنين هناك.

 

 

وحسب متابعات دارفور24 فإن بعض السيارات التي يتم نهبها تذهب الى مناطق أخرى في شمال وشرق السودان، حيث تمكنت ارتكازات قسم شرطة “ود الحداد” جنوبي ولاية الجزيرة في يونيو الماضي من ضبط سيارتين مسروقتين بحسب اعلام الشرطة، بينما ضبطت شرطة ولاية نهر النيل 31 يوليو الماضي عربة منهوبة من الخرطوم بالرقم 33899 خ 5

سيارة منهوبة تم ضبطها بولاية نهر النيل
سيارة منهوبة تم ضبطها بولاية نهر النيل

 

 

وتحصلت دارفور24 على معلومات تفيد بأن هنالك عصابات محترفة لها علاقات بدول الجوار تقف وراء سرقة سيارات الدفع الرباعي.

 

 

وأشارت المعلومات الى ان هذه العصابات تصل بالسيارات المنهوبة الى الحدود الليبية وبالتنسيق مع عصابات أخرى تجرى عملية مبايعة عينية بسيارات أخرى قادمة من ليبيا تفادياً لأية اجراءات قانونية متوقعة، بجانب ان السيارات القادمة من ليبيا سعرها في الأسواق مرتفعاً مقارنة مع المسروقة من الخرطوم.

 

 

ورغم ان الرئيس التشادي محمد ادريس ديبي كان قد طمأن السودانيين اصحاب السيارات المسروقة، وقال سنعيد أية سيارة دخلت الى الحدود التشادية، الا ان هنالك تجاراً يبدو انهم أصحاب نفوذ في دولة تشاد يقومون بشراء موديلات محددة من السيارات ويعبرون بها الى العمق التشادي.

 

تورط عناصر الدعم السريع

دارفور24 توجهت الى المستشار السياسي لقائد الدعم السريع “علي الطاهر شارف” بالسؤال عن تورط عناصر الدعم السريع في الاستيلاء على السيارات في مناطق الحرب فأقر بوجود متفلتين من قوات الدعم السريع، يقومون بممارسات وصفها بالسيئة، وأنهم قد حبسوا نحو 2500 في حراسة بسبب ارتكابهم جرائم، وان قائد الدعم السريع كوَّن لجنةً لمحاربة الظواهر السالبة برئاسة اللواء عصام فضيل، تمكنت من توقيف بعض عناصر قوات الدعم السريع وعدد كبير من المسلحين المساندين لقوات الدعم السريع ووضعتهم في الحبس، كما ضبطت اللجنة أكثر من 2000 عربة تخص المواطنين.

 

 

وقال شارف أي مواطن أثبت ملكية عربة من العربات المضبوطة يسلم عربته في الحال، وطالب أصحاب العربات المفقودة بالتحرك الى حي الرياض بالخرطوم لمشاهدة العربات الموجودة.

 

 

 

وتعني اغنية “عشان ام قرون بركب الحديد بوكسي” ان الشاب سيمتلك عربة بوكسي ترضية للفتاة ذات الضفائر، فهل هذه الاغنية كانت حافزاً لآلاف الشباب من القبائل العربية بكردفان ودارفور للقتال في صف قوات الدعم السريع…؟

 

حيث يشير شهود عيان الى أن هؤلاء المتطوعين ومعهم بعض عناصر الدعم السريع يشرعون بعد انتهاء أية معركة في الاستيلاء على السيارات مع تفضيل “البوكسي” على غيرها، وفي سبيل ذلك يدخل المسلحون المنازل وبمعيتهم مهندس مختص كهرباء سيارات لفتح أبواب السيارات وتشغيل محركها من دون مفتاح السيارة.