نيالا- دارفور24

عامان استغرقتهما مبادرة “الوئام والاستقرار المجتمعي لبناء السلام والمصالحات” التي نفذتها منظمة جسر السلام بمحليات تلس ودمسو ورهيد البردي التي شهدت في السنوات الماضية نزاعات أهلية بين الفلاتة والتعايشة راح ضحيتها العشرات وقطعت أوصال العلاقات الاجتماعية بين أبناء القبيلتين المتجاورتين.

 

من خلال هذه المبادرة التي بدأت في يناير 2021م إلى فبراير 2023م أعادت منظمة جسر السلام بناء جسر التعايش السلمي والتواصل المجتمعي بين مناطق “سرقيلا الدقمة والقرض بمحليتي تلس ودمسو ومناطق رهيد البردي، مندوة، كيلنج، بيت حراز وتهم”

‪مدير المشروعات بمنظمة جسر السلام
‪مدير المشروعات بمنظمة جسر السلام

واوضح مدير المشروعات بالمنظمة محمد الحافظ ان المناطق الثماني التي شملتها المبادرة في المحليات الثلاث، تم فيها تكوين لجان مصالحات في هذه المناطق، قوام كل لجنة 15 عضواً “5 نساء و10 رجال” اضافة الى تكوين وحدتين تعليميتين في محلية رهيد البردي، وجمعيات نسوية في المناطق الثماني، ومركزين مجتمعيين متعددة الاغراض، فضلا عن تنفيذ مجموعة من الحوارات المجتمعية بالمناطق المذكورة، نتجت عنها جملة من المخرجات ساعدت هذه المجتمعات في تفهم قضاياها ومناقشتها بصورة لم تكن موجودة في الماضي.

 

وقالت مدير مكتب منظمة جسر السلام بجنوب دارفور آمنة عبد الرحمن إن الهدف من مبادرة “الوئام والاستقرار المجتمعي لبناء السلام والمصالحات” هو تعزيز التواصل وبناء الثقة بين المجتمعات التي كانت متنازعة، وأوضحت أن لجان السلم والمصالحات التي تم تشكيلها وتدريبها، أوكلت لها مهمة فض النزاعات التي تقع سواء ان كان داخل المجتمعات أو مع المجتمعات المجاورة، اضافة الى انها تعمل كإنذار مبكر من خلال التواصل مع الجهات الحكومية في حال ظهور أي بوادر نزاع او أي انشطة يحتمل تنتج عنها أعمال عنف وقتال، علاوة على ذلك دربت المنظمة “الحكامات” على أن يصبحن لسان للسلام بدلاً عن تأليب المجتمعات للحرب، بجانب تدريب 24 امرأة على الصناعات اليدوية لتعزيز فرص كسب العيش وزيادة دخلهم.

حضور مهرجان السلام
حضور مهرجان السلام

ولم تغفل المبادرة اهمية الرياضة في بناء جسر التواصل بين المجتمعات فأنشأت المنظمة فرقاً ووفرت لها المعدات الرياضية، وتم تدريبهم في بناء ثقافة السلام، وذكرت آمنة ان هذه الفرق اقامت عدة مباريات شملت حتى بعض المجتمعات التي كانت بينها نزاعات، وعقب المباريات تقام لقاءات ومخاطبات جماهيرية تتحدث عن أهمية السلام والتعايش، فكسرت الحواجز وعززت الثقة بين المجتمعات.

 

ونظمت المبادرة كذلك حوارات مجتمعية شهرية يتم فيها التداول حول قضايا محددة من القضايا التي تؤرق المجتمع، وقالت مديرة المنظمة ان هذه الحوارات تخرج دائماً بحلول اما ان ينفذها المجتمع مباشرة او يتقدم بها الى الحكومة لحلها سواء ان كان على مستوى الحكومة المحلية او حكومة الولاية.

 

ويقول عضو لجان السلم والمصالحات من منطقة تلس ابراهيم عبد الله يعقوب انه يشعر بالسرور باللقاء مع لجان السلم والمصالحة في محلية رهيد البردي، واضاف: هذا اللقاء ظللنا ننتظره سنوات عدة بعد أن وقعت النزاعات بين اهلنا الفلاتة والتعايشة.

عضو لجان السلم والمصالحات بمحلية تلس
عضو لجان السلم والمصالحات بمحلية تلس

وأبان يعقوب ان لجان السلم والمصالحة بمحلية تلس ابتدرت في العام 2021م حراكاً مجتمعياً لكسر الحواجز والتوتر في العلاقات بين الفلاتة والمساليت إلى أن تكللت بمهرجانات وزيارات متبادلة أنهت القطيعة التي دامت لسنوات بين القبيلتين المتجاورتين.

 

وذكر ان التدريب الذي تلقوه من المنظمة أحدث فيهم تحولاً ايجابياً في توجهات المجتمع بمحلية تلس نحو ثقافة السلام والتعايش السلمي، واتفق مع يعقوب عضو لجان السلم والمصالحات بمحلية رهيد البردي الشريف داؤود الذي أكد ان ما تلقوه من تدريب وورش في مجال السلم الاجتماعي خلق لديهم دافعاً كبيراً الى معالجة القضايا عبر الطرق السلمية والسعي لحل النزاعات التي تنشأ في مجتمعاتهم، وقال ان المنظمة استطاعت ان تقيم جسراً للتواصل بجمع لجان السلم والمصالحة من محليات رهيد البردي وتلس ودمسو في قاعة واحدة بمدينة نيالا عاصمة الولاية.

 

مبادرة الوئام والاستقرار المجتمعي لبناء السلام والمصالحات وجدت اشادة كبيرة من حكومة الولاية ممثلة في مفوضية العون الانساني المشرفة على عمل المنظمات الطوعية الانسانية وقال مسئول بالمفوضية “يحي الدقيل” ان مثل هذه المبادرات والمشروعات من شأنها ان تخلق واقعاً أفضل وسلاماً ملموساً بمناطق النزاعات بدارفور، وذكر أن المحليات الجنوبية الغربية لولاية جنوب دارفور كانت تتمتع بتماسك اجتماعي كبير قبل نشوب النزاعات بين القبائل، والآن بدأت تتعافى بفضل هذه المبادرات.

 

ختام مشروع مبادرة الوئام والاستقرار المجتمعي نظم بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور بمهرجان للسلام، جاء تحت شعار “تواصلنا يعزز استقرارنا” تم خلاله جمع لجان السلم والمصالحة بمحليات “تلس ورهيد البردي ودمسو” في مدينة نيالا، وتخللته حوارات ونقاشات حول كيفية تنزيل معاني السلام والاستقرار والمعارف التي تدربوا عليها خلال فترة المشروع التي امتدت لعامين.