الخرطوم- دارفور24

يشهد الطريق القومي “الخرطوم الفاشر” وبعض من المدن بإقليم دارفور وجود مظاهر إغلاق الطرق في بعض المناطق وإقامة “بوابات” بواسطة مسلحين أهليين واجبار سائقي البصات والسيارات والمسافرين دفع رسوم بحجة تأمينهم من النهب المسلح.

 

 

شكاوى السائقين

وشكا أصحاب الحافلات والبصات السفرية بمدن دارفور من انتشار هذه الظاهرة في كل الطرق التي تربط مدن وقرى دارفور، حيث تتفاوت نقاط الجبايات من طريق لآخر، فمثلا الطريق من مدينة كاس الى نيالا الذي يبلغ طوله 85 كيلو متر ترابط فيه نحو 40 نقطة يقف فيها مسلحون لاجبار السيارات على دفع مبالغ مالية مقابل العبور.

 

 

وفي الطريق القومي “الخرطوم- الفاشر” يقول أحمد عبدالله سائق “بص سياحي” إنه أضطر لدفع أكثر من مليون وخمسمائة ألف جنيه سوداني “2100” دولار للمسلحين في الطريق، وأضاف: هؤلاء يجبرون سائقي البصات والمواطنين على دفع مبالغ وفي حال رفضهم يتم نهب السيارة بعد التحرك مباشرة “لهذا لابد من الدفع”.

صورة لاحد ايصالات جبايات الطرق
صورة لاحد ايصالات جبايات الطرق

 

وكشف أحمد لدارفور24 عن وجود مواطنين بزي عسكري تستغل سيارات مدنية يتم إيقافها في القرى والمدن وممارسة الجباية الجبرية وأحياناً تفريغ هواء الإطارات”.

 

 

 

وفي طريق “نيالا- الفاشر” قال عدد من سائقي البصات السفرية أن أكثر من 43 خيمة تم نصبها من قبل أفراد مسلحين بين المدينتين، فضلاً عن وجود بوابات أخرى لقوات الدعم السريع تعمل في ممارسة الجباية بدفع مبلغ محدد في كل نقطة عبور.

 

 

وقال سائق سيارة دفع رباعي “إ، أ، ش” لدارفور24 إنه اضطر الى التوقف عن العمل الذي ظل يمارسه المدينتين لأكثر من 8 أعوام لعدم الجدوي الإقتصادية منه، وأضاف “سعة السيارة 12 شخص مقابل 40 الف جنيه للراكب الواحد ليصبح جملة المبلغ 480 الف جنيه، وندفع في الوقت ذاته أكثر من 250 الف للبوابات والوقود والمصاريف هذه عملية خاسرة”.

 

 

جبايات الحركات

وفي ذات السياق كشف عدد من السائقين بمدينة الطينة السودانية الحدودية 400 كلم شمال غربي الفاشر عاصمة شمال دارفور عن وجود أكثر من 30 بوابة في الطريق يتم تحصيل الرسوم دون أي ايصالات من قبل بعض حركات الكفاح المسلح وقال السائق “م، ع” لدارفور24 انهم يضطرون لدفع جباية ثلاثة مرات في منطقة واحدة لوجود عدد من الحركات فيها، من بينها منطقتي “أورشي وأم مراحيك” وأضاف:” هذه المناطق آمنة ولا توجد فيها مظاهر الحروب يجب مساعدة المواطنين في التنقل وإزدهار وإنعاش التجارة بين دولة تشاد والسودان بدلاً من فرض الرسوم”.

 

 

وبرر عبدالله محمد صالح أحد قادة حركات الكفاح المسلح بمدينة الفاشر دفع الرسوم بمناطق سيطرة الحركات المسلحة لتأمين القري والمدن في الطريق ومنع أي عمليات نهب وسلب مؤكداً أن الرسوم لا تتجاوز 3 آلاف جنيه حوالي “5” دولار وأضاف:” يدفع المواطن في الطرق القومية مئات الجنيهات ويتم نهبه فلماذا يستخسر البعض الرسوم الرمزية في مناطقنا الآمنة.

 

زيادة تكاليف السفر

بسبب هذه الجبايات إرتفعت أسعار التذاكر السفرية بين مدن دارفور المختلفة الى أكثر من عشر مرات في بعضها، ووفقاً لإحصائية دقيقة لدارفور24 فإن أسعار التذاكر بين مدينتي “أم درمان والفاشر” تتراوح بين 150 ألف جنيه، بينما كانت في ابريل 25 الف جنيه فقط، ومن النهود إلى مدينة الفاشر ارتفعت من 16 ألف الى 30 الف جنيه، ومن مدينة الفاشر إلى نيالا بلغت 35 الف جنيه للباصات و75 الف جنيه لسيارات الدفع الرباعي، بينما كانت قبل الحرب 8 الف للباصات السفرية 12 الف جنيه للسيارات.

 

 

ومن مدينة نيالا إلى زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور بلغت كلفة التذكرة 60 ألف جنيه بينما كانت قبل الحرب 9 الف جنيه فقط، ومن زالنجي إلى مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور زادت قيمة التذكرة من 12 ألف قبل الحرب الى 60 الف جنيه ” قبل الحرب 12 الف جنيه فقط.

 

 

وتعد أسعار تذاكر السفر من مدينة نيالا إلى مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور الاقل والأكثر ثباتاً منذ إندلاع الحرب منتصف أبريل الماضي، حيث ارتفعت من 15 الف جنيه إلى 35 الف جنيه وإستقر لأكثر من أربعة أشهر في 40 ألف جنيه.

 

 

 

بين المطرقة والسندان

يجي ارتفاع أسعار التذاكر بسبب الجبايات في وقت يضطر فيه سكان المدن التي تشهد حرباً الى الفرار للمدن الأكثر أمناً مما يزيد من معاناة الفارين ويضعهم بين سندات المعارك ومطرقة تكاليف تذاكر السفر، ونسبة لعدم قدرة عشرات المواطنين على توفير تكاليف التذاكر أضطروا للفرار من مدينة نيالا إلى الضعين سيراً على الأقدام.

 

 

طوف القوة المشتركة

في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور تتجمع مئات الشاحنات في انتظار التحرك الى مدينة كوستي وسط السودان عبر الطوف المشترك لحركات الكفاح المسلح، ويقول جمال أحمد نعيم لدارفور24 أن حركات الكفاح المسلح تقوم بتحصيل رسوم في حدود “300” ألف جنيه من كل شاحنة للوصول من كوستي إلى الفاشر، وأوضح ان الحركات بررت ذلك بمقابلة متطلبات الوقود والنثريات لأفرادها والصيانة الدورية للسيارات، وأضاف جمال:” خدمة كبيرة تقدمها حركات الكفاح المسلح للشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والوقود لدارفور، ولكن السؤال إلى متى يستمر الحال هكذا”.

 

 

 

ومنذ إندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تأثرت حركة تنقل المواطنين ونقل البضائع بين المدن، وإستغل البعض غياب الحكومة والقانون، فأقاموا بوابات للجباية، فهل تستطيع أطراف الحرب إيقاف عبث الجبايات في الطرق القومية وبين مدن دارفور أم سيظل الحال هكذا؟