مليط- دارفور24

يعمل عبد الكريم “68” جاهداً في مجال السمسرة بمنطقة مليط الحدودية مع دولتي ليبيا وتشاد بعد ان اتاحت له الظروف التي تمر بها المنطقة ليستعيد مهنة التجارة التي افتقدها قبل عشرين عام، حاج عبد الكريم يقول بعد اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عادت التجارة في المنطقة الى الإزدهار فأصبح يعمل في مجال السمسرة “وسيطاً” بين البائع والمشتري في مجال الوقود، عبدالكريم أوضح أنه يجني مبالغ مالية تؤمن له العودة للعمل التجاري مرة أخرى وأضاف “نحن نجلب الزبون ونظير ذلك يدفع لي الطرفان لذا قريباً سأعود إلى تجارة المواد الغذائية في سوق مليط الكبير.

بوابة محلية مليط
بوابة محلية مليط

 

فبسبب الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ ابريل الماضي عادت لعبد الكريم وكثيرين من سكان منطقة مليط آمال العودة الى التجارة والى المدينة الحدودية أهميتها التجارية وهي نقطة جمركية حيوية أهمل دورها بسبب السياسات الاقتصادية لنظام الانقاذ خلال 29 سنة الماضية، فأوقفت تطورها ونموها الاقتصادي الناتج عن النشاط التجاري الكبير بينها والجنوب الليبي.

 

 

موفد “دارفور24” زار مدينة مليط ورصد مظاهر التجارة في المدينة ووقف على أبرز السلع القادمة من دولة ليبيا والأسعار وإنتعاش الحركة التجارية، داخل سوق المدينة تعرض السلع بأنواع المختلفة، في وقت أكد فيه عدد من التجار توفر كميات كبيرة منها في المخازن تكفي حاجة دارفور لمدة 3 أشهر من بينها السكر والدقيق والأرز والمعكرونة والصابون والمشروبات الغازية اضافة الى وقود الجازولين والبنزين.

 

 

وقال تاجر الجملة يوسف أحمد يوسف لدارفور24 إن سوق مليط أصبح مورد السلع الرئيسي الى مدن “الفاشر- نيالا- الضعين- كبكابية- النهود” في ظل الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وصعوبة جلب البضائع من العاصمة السودانية الخرطوم، وقال يوسف إن مدينة مليط تحتاج لشبكة إتصالات وتطوير المعاملات المالية عبر فتح فروع للبنوك، وأضاف: هنالك عشرات التجار حولوا نشاطهم التجاري من مدينة نيالا إلى مليط وهم يحتاجون الى البنوك لحفظ الأموال.

 

تاريخ تجاري

يقول أحد وجهاء مدينة مليط الحاج محمود أدم علي “79 سنة” مليط مدينة تاريخية كانت تجمع كل الشعب السوداني من أيام العباسي وكانت دولة ليبيا تأخذ الماشية من مليط قادمة من جنوب وغرب وشمال دارفور مقابل جلب الدقيق والسكر والأرز والمعكرونة وشهدت الحركة التجارية نشاطاً مكثفاً أيام مجاعة 1986م

ورمي محمود اللوم على نظام الإنقاذ واتهمه بتهميش المدينة وفتح نوافذ أخرى في شمال البلاد وعدم إعطاء أهمية لمدينة مليط، وأضاف: الآن أتت الفرصة لإعادة مليط إلى موقعها التجاري كمنفذ حدودي لدعم الإقتصاد الوطني وتوفير السلع الإستراتيجية وتصدير الماشية لدولة ليبيا.

 

 

 

الوقود الليبي مليط

لاحظ موفد دارفور24 وصول عشرات الشاحنات الكبيرة تصل سوق المدينة يومياً من مدينة الكفرة الليبية حوالي 5 كيلو متر محملة بوقود الجازولين والبنزين قبل أن يوزع الى مدن ومحليات دارفور.

وأوضح أحد تجار الوقود بمدينة مليط يحي أحمد يحي لدارفور24 أن البعض استغل ظروف الحرب في البلاد ورفع أسعار الوقود مما زاد معاناة المواطنين، ودفعهم لإستيراد الوقود من ليبيا، وقال إن الأسعار تجاوزت مليون جنيه حوالي “1500” دولار لبرميل الجازولين والبنزين بولاية شمال دارفور بعد المعارك بين الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، واضاف: بفضل إستيراد الوقود تراجع سعر برميل الجازولين إلى 150 ألف جنيه حوالي “250” دولار وبرميل الجازولين 180 ألف جنيه حوالي “300” دولار.

 

 

وفي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور يتم عرض الجازولين والبنزين خارج محطات الوقود التي تم اغلاقها بسبب الحرب، وقال تاجر الوقود فضل أبكر لدارفور24 أن برميل الجازولين المستورد من ليبيا بلغ سعره “200” ألف جنيه حوالي “320” دولار، وبرميل البنزين 215 ألف جنيه حوالي “350” دولار أمريكي، وبرر فضل زيادة أسعار الوقود عن مدينة مليط لإرتفاع تكفلة الترحيل والجبايات في الطريق إلى مدينة الفاشر والمصروفات الأخري.

 

 

ولمقارنة الأسعار بين مدينة الكفرة الليبية ومليط قال أحد العاملين بمحطات الوقود بمدينة الكفرة محمد عثمان لموفد دارفور24 إن سعر برميل الجازولين في السوق الأسود بمدينة الكفرة يبلغ سعره فقط 300 دينار ليبي حوالي 30 ألف جنيه سوداني ما يعادل 50 دولار أمريكي وسعر برميل البنزين 350 دينار ليبي حوالي 35 ألف جنيه سوداني ما يعادل 51 دولار أمريكي.

 

 

وقال محمد عثمان أن سعر برميل الجازولين المدعوم في المحطات يبلغ سعره 30 دينار ليبي حوالي 3 ألف جنيه سوداني “25” دولار أمريكي وسعر برميل البنزين 35 دينار ليبي حوالي “3500” جنيه سوداني 26 دولار أمريكي.

 

 

وبحسب متابعات دارفور24 فان توفر الوقود القادم عبر منفذ مليط اسهم في تخفيف معاناة المواطنين خاصة في مجالات النقل والترحيل وتوليد الكهرباء في المدن والاسواق اضافة الى توفير مياه الشرب ومطاحن الحبوب الغذائية.

 

تذبذب أسعار السلع الغذائية

يقول التاجر بسوق مليط يزيد أحمد لدارفور24 إن أسعار الدقيق زنة “25” كيلو سجلت 19 ألف جنيهاً والسكر زنة “50” كيلو بمبلغ 42 الف جنيهاً وسعر الأرز زنة “25” كيلو بسعر 27 الف جنيهاً، بينما تتفاوت أسعار المعكرونة الليبية بين 6 آلاف جنيهاً و3 آلاف جنيهاً للكرتونة الواحدة.

 

في وقت بلغ سعر السكر في مدينة الكفرة 250 دينار للجوال زنة “50” كيلو حوالي 25 الف جنيه سوداني، وجوال الدقيق زنة “25” كيلو بمبلغ 100 دينار ما يعادل 10 آلاف جنيهاً سودانياً، وجوال الأرز زنة 25 كيلو ب 150 دينارا ليبياً حوالي 15 ألف جنيه سوداني.

 

 

توقف عمليات الجمارك والإجراءات المحلية

رغم هذا النشاط التجاري الا ان الاجراءات الجمركية والحكومية متوقفة تماماً، وقال مصدر شرطي بإدارة جمارك شمال دارفور- رفض ذكر أسمه- إن الإجراءات الجمركية متوقفة حالياً بسبب الحرب الدائرة بالبلاد وقال- لدارفور24- أنهم يعملون الأن في حصر الشاحنات القادمة من دول الجوار إلى مدينة مليط لمعرفة فرق الناتج القومي من الإيرادات قبل الحرب وبعد الحرب، وكشف عن استغلال البعض توقف الاجراءات الجمركية ليدخلوا بضائع محظورة وممنوع استهلاكها واستخدامها في البلاد، وأكد ان الوضع يحتاج الى مراجعة عاجلة لقرار توقف الجمارك من أجل تقنين البضائع وإيقاف عمليات تدمير الإقتصاد الوطني في أسرع وقت.

 

 

هذا الانتعاش والاستقرار الاقتصادي توفر لمدينة مليط بعد ان تدخلت الادارة الاهلية فور اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع وقررت في اجتماع طارئ اعلان حالة الطوارئ ومنع حمل السلاح بالمدينة وإبعاد القوات المتحاربة خارج المدينة والإعتماد على الشرطة في بسط الأمن ووجد الأمر قبولاً من كل شرائح المجتمع والقبائل التي تقطن المنطقة فحصدت نتائجه بأن عاد للمدينة بريقها التجاري الذي فقدته منذ نحو صلاصى عقود.