دارفور24

دعت “هيومن رايتس ووتش” اليوم السبت القادة العالميون والإقليميون المجتمعون اليوم في باريس لتسليط الضوء على السودان وإحياء الذكرى السنوية الأولى للنزاع الدموي بين “القوات المسلحة السودانية” و”قوات الدعم السريع”، إلى ضمان محاسبة المسؤولين عن الفظائع المستمرة من انتهاكات القانون الإنساني الدولي.

وتشمل الانتهاكات القتل المتعمد للمدنيين على نطاق واسع، والهجمات غير القانونية على البنية التحتية المدنية، والعرقلة والنهب المتعمدين للمساعدات، وهي أفعال تشكل جرائم حرب، بحسب هيومن رايتس ووتش.

وتنظم اليوم كل من فرنسا وألمانيا و”الاتحاد الأوروبي” مؤتمر انساني حول السودان للضغط من أجل إنهاء القتال، وزيادة التمويل العالمي للاستجابة الإنسانية مع تفاقم أزمة الجوع في السودان.

وقال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: “يجب أن تتغير الاستجابة العالمية للنزاع الدموي في السودان، على القادة المجتمعين في باريس التحرك لمعالجة المستويات المنخفضة المخجلة لتمويل الأنشطة الإنسانية، بما يشمل المستجيبين المحليين، والالتزام بتدابير ملموسة ضد من يعيق عمدا إيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين”.

وأضاف “على العالم أن يخجل من التكلفة المروعة لتقاعسه عن الاستجابة، يستحق المدنيون في السودان أن يروا استجابة عالمية قوية ومنسقة”.

وذكر أنه “ينبغي أن لا يكون مؤتمر باريس نهاية التركيز على السودان، بل الانطلاقة نحو نهج جديد؛ يجب أن يعلن المؤتمر عن زيادات كبيرة في التمويل الإنساني تشمل المستجيبين المحليين، ويحدد معايير واضحة وتدابير ملموسة ستتخذها الدول لإنهاء استخدام المساعدات كسلاح من قبل الطرفين المتحاربين”.

انتهاكات الطرفين

وقالت هيومن رايتس ووتش إن كلا الطرفين المتحاربين ارتكبا انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، تصل في بعض الحالات إلى جرائم حرب وجرائم فظيعة أخرى.

وأكدت أن القوات المسلحة السودانية قتلت مدنيين بشكل غير قانوني، ونفذت غارات جوية استهدفت عمدا البنية التحتية المدنية، وأعاقت المساعدات الإنسانية بشكل متكرر، من بين انتهاكات أخرى.

وفي المقابل نفذت قوات الدعم السريع عمليات قتل واسعة بحق المدنيين، ويبدو أن عديدا منها كانت موجَّهة عرقيا، لا سيما في غرب دارفور، كذلك أعاقت أيضا المساعدات بأساليب شملت نهب الإمدادات الإنسانية على نطاق واسع. كما استخدمت أسلحة متفجرة ثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان وتورطت في أعمال عنف جنسي وعمليات نهب واسعة.

كذلك جنّد الطرفان وحلفاؤهما الأطفال واحتجزا المدنيين تعسفا، بحسب هيومن رايتس ووتش.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات التابعة للقوات المسلحة السودانية بما فيها المخابرات العسكرية، فرضت عديدا من القيود البيروقراطية التعسفية التي أعاقت عمل المنظمات الإنسانية وقدرتها على الوصول إلى المحتاجين.

ويشمل ذلك التأخير والرفض وعدم الاستجابة لطلبات الحصول على التأشيرات وتصاريح السفر، التي تشترط السلطات على موظفي الإغاثة الحصول عليها للتنقل بين الولايات الاتحادية، وفرض إجراءات إدارية مفرطة لاستيراد مواد الإغاثة ونقلها.

وتأتي عرقلة القوات المسلحة السودانية المساعدات بشكل غير قانوني بعد عقود من العداء والعرقلة الروتينية لوكالات الإغاثة الدولية في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، ما يزيد معاناة السكان في مناطق النزاع، وفقًا لهيومن رايتس ووتش.

وأشارت إلى قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها هاجمت مرارا إمدادات المساعدات والبنية التحتية الإنسانية، لا سيما المستودعات، مثل المخزونات في مستودع “برنامج الأغذية العالمي” في ود مدني في ديسمبر 2023.

وسعى كلا الطرفين، وخاصة القوات المسلحة السودانية، إلى تقييد المساعدات التي تذهب إلى مناطق سيطرة الطرفين المتصارعين وعبرها، واضعة الخرطوم تحت حصار فعلي منذ أواخر 2023، وأعاقت أيضا وصول المساعدات إلى دارفور.

وأكدت أن تجاهل الأطراف المتحاربة الصارخ للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تسبب في الوضع الإنساني الكارثي الحالي، وسبب معاناة للمدنيين في المناطق المتضررة بشدة من القتال، ولا سيما الخرطوم والمدن الأخرى وأجزاء كبيرة من دارفور، ومنع عنهم الضروريات الأساسية.

وذكرت أن هجمات الأطراف المتحاربة، بما فيها تلك التي طالت البنية التحتية مثل مرافق الرعاية الصحية ومحطات معالجة المياه، جعلت حياة المدنيين غير مستقرة وغير آمنة.

ودعت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء في “مجلس السلم والأمن” التابع للاتحاد الإفريقي مواصلة التدقيق في وضع الأمن الغذائي، من خلال عقد إحاطات عامة منتظمة على مدى الأشهر الستة المقبلة.

كما دعت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والدول الأخرى تنسيق العمل بموجب أنظمة العقوبات الخاصة بكل منها على السودان، والقيام بشكل عاجل بتحديد الكيانات والأفراد المسؤولين عن عرقلة المساعدات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.

وقالت “على الحكومات المجتمعة في باريس أيضا أن تدعم بشكل نشط وعلني جهود التحقيق في الانتهاكات المستمرة على الأرض”.

وينبغي منح “البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان”، التي أنشأها “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” في أكتوبر الماضي، والمكلفة بالتحقيق في الانتهاكات في جميع أنحاء السودان، بما فيها تلك المرتكبة في الخرطوم ودارفور، الدعم والوصول الكاملين، وتجديدها حسب الحاجة إلى حين الانتهاء من التحقيقات.